الدكتور سرجون كرم يكتب ….ثلاثة أناشيد تحت نافذة ماروشكا

ثلاثة أناشيد تحت نافذة ماروشكا

بقلم /د.سرجون كرم

ما هو الوطن يا ماروشكا..

غير حدود الجدران والغرف
التي تطوّقني:
غرفة للحنين
وغرفة للّعناتِ المكتومةِ في جوارير الذاكرة،
غرفة للأمان
وغرفة للأسيد؟
محاطًا بهواء ينقّي ذرّاته كجدّة تنقّي عدسًا
ويدعكها طابة أمام أنفاسي أسأل:
ما هو الوطن
غير الشكل المتكوّر في مذاق الزعتر والمشمش
والتين والزيتون
غير مزاج الهزّال الأصفر
حين ننظر إلى نيسان من على قمّة جبل الجليد؟
صليبًا مقيّدا تحت سماء تنخل مشيمتها فوقي وما انتبهت أنني ما ولدت بعد
أسأل:
ما هو الوطنُ يا ماروشكا
لعاهرٍ قدّيس يحمل سراجه داخل واقٍ ذكريّ
منفوخ بحجم أمنيات مذنّب يصلي أن يزداد هذا الفضاء فضاء
في هذه المجرّة الممتدّة من حدود كوكب النور
إلى مجاهل كوكب الزناة؟
كلّ شيء أمانة
إلا أنا يا ماروشكا
تصُبّينني حطبًا على كتبكِ التي قرأتها
عن رامبو وهولدرلين وبورخيس وأوشو
ولن تنفعَك بعد الآن
لأنّ القرن الألفين والتاسعَ والتسعين قد انبلج.
أنا ماسونيّ يا ماروشكا
من أولئك الذين تتهمينهم أنّهم يحكمون الكون
من بيت نملة وبخيط عنكبوت
بينما هم عراة مثلك تحت مطر القدر
يخصِفون من ورق الأكاسيا
على عورة جراحهم
ويلعقونها مثل طفل ذاق سكّرًا.
قومي ندفن العالمَ كما يليق بالميّتين
ونصنع من أثاثه موقدًا
نمارسُ الحبّ فيه.
إنّها النهاية…لأنّ لي مشكلةً شخصيّة قديمة مع العالم يا ماروشكا.
أقول لك:
إنّ السماء التي تندفع من عينيكِ
مثل طائرة نفّاثة تخرِق جدار العمى
وتقصف مدينة الشيطان الذي ينتعل أحذية الأطفال
ويلبِس قناع العالم
– أمس رأيته في منامي
واقفًا في غرفة أمامي
وخلفي ملاكي الحارسُ مهرولاً لينقضّ بخنجرٍ عليه –
أقول لك: إنّ السماء التي تندفع من عينيك
في أحكام اللغة لا خبرَ لها
يتمّم جملة مفيدة يفهمها العالم الذي أذكره للمرّة الثالثة هنا
والذي ينزلق الهوينا من ركبتيك نحو الهاوية.
إنّها النهاية…كوني لا همّ لي الآن
سوى أن أجمع الجمل البطيئة والسريعة التي كتبها الشعراء
بعد أن ترجّلوا عن صهوات جياد الملوك
وأطلق عليها من مسدّس الرصاص في معسكر من معسكرات
الحرب العالميّة الثانية أو تنظيم الدولة الإسلاميّة
وأدير ظهري…
لأنّ الإنسان كائن عُصابيّ٬ نَسّاء٬ ممثّل ومهرّج همجيّ.
تذكّري كلامي هذا يا ماروشكا كي تكوني كائنة فضائيّة في الرؤية
ونبيًّا يضع الكتاب من محبرة يملؤها بلُعابِه.
***
ملاحظة أولى: اليوم غادرت من ثقب في عتبة البيت حفرته نملة كي تجهض بيوضها
كوني لم أعد قادرًا على التأرجح بين الدخول والخروج
مثل لاعب سيرك فوق الصراط المستقيم.
ملاحظة ثانية: المفتاح تركته لك على تويج زهرتي الوحيدة
فاقرئي عليه سرّي: بهٍ أهٍ لهٌ حيٌّ
فيُفتحَ الباب
وتدخلي
وتجديني
وتسأليني
قبل أن تفقِديني.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.