سوق المحمول في مهب الريح.. لماذا توقف 51 ألف هاتف ومن يتحمل فاتورة الجمارك بأثر رجعي؟
كتب/ ماجد مفرح
تصاعدت حدة الجدل والارتباك داخل سوق الهواتف المحمولة المصري مؤخراً، على خلفية قرار مفاجئ بتطبيق الرسوم الجمركية على الهواتف بأثر رجعي. هذه الخطوة، التي وصفها خبراء بأنها تفتقد إلى الإنذار المسبق والتنسيق، تسببت في أزمة حقيقية كان ضحيتها الأولى 51 ألف هاتف محمول تم إيقافها عن العمل رسمياً خلال شهر أكتوبر الماضي، على الرغم من دخولها البلاد بشكل قانوني.
صدمة الإيقاف.. 51 ألف هاتف خارج الخدمة
كشف المهندس وليد رمضان، نائب رئيس شعبة الاتصالات والمحمول بالغرفة التجارية، عن حجم الضرر الناتج عن هذا القرار، مؤكداً أن تطبيق الرسوم الجمركية بأثر رجعي أدى إلى إيقاف نحو 51 ألف جهاز. والمفارقة أن أصحاب هذه الأجهزة يمتلكون ما يثبت إعفاءها من الرسوم في وقت سابق، بناءً على القوانين المعمول بها آنذاك.
رمضان، لفت إلى أن هذا التوقف المفاجئ عرقل مصالح آلاف المواطنين، خاصة وأن شريحة كبيرة منهم اعتمدت على هذه الهواتف كـ “حل اقتصادي مناسب” في ظل ارتفاع الأسعار، قبل أن يفاجأوا بقطع الخدمة دون سابق إنذار.
المواطن في مرمى الضرر و”هدية الرئيس” تتآكل
أشار نائب رئيس شعبة الاتصالات بوضوح إلى أن المتضرر الأكبر من هذه الأزمة هو المواطن. هذا المواطن الذي اقتنى جهازه بصفة قانونية، واعتمد على التطبيق الرسمي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (NTRA) للتأكد من موقفه الجمركي والحصول على توثيق الإعفاء، ليجد نفسه لاحقاً أمام جهاز متوقف.
وفي سياق متصل، شدد رمضان على أن مفهوم “الهاتف المعفى من الجمارك” كان يُعتبر بمثابة “هدية حقيقية للمواطن المصري من الرئيس عبد الفتاح السيسي”، إذ ساهم في خفض التكلفة الإجمالية وتيسير امتلاك جهاز في ظل موجات الغلاء. لكن هذه القرارات الرجعية، بحسب وصفه، تسببت في إضعاف الثقة بين المستهلك والسوق بشكل كبير.

التجار: خسائر وعلامة استفهام حول الاستقرار
لم يسلم قطاع التجار من دائرة الضرر، حيث أوضح وليد رمضان أنهم تعرضوا لخسائر جسيمة. فبالرغم من التزامهم التام بسداد كافة الضرائب والرسوم المستحقة، إلا أن تحميلهم تبعات قرارات تُطبّق بأثر رجعي يضر بالسوق ويخلق حالة من عدم اليقين في قطاع التجارة.
وأوضح أن الضرائب تشكل العمود الفقري لإيرادات الموازنة العامة بنسبة تتجاوز 80%، والتجار ملتزمون بدفعها. إلا أن التطبيق المتأخر والمفاجئ للقرارات يخلق أزمة ثقة واسعة تمتد من المواطن إلى الدولة، وتؤثر سلباً على حركة البيع والشراء في نهاية المطاف.
المطالبة بـ “ضبط السوق بلا أضرار رجعية”
أكد نائب رئيس شعبة الاتصالات، أن سبب الخلل يعود إلى إلغاء الإعفاءات دون سابق إنذار. فبعد أن اعتمد المواطنون بشكل رسمي على التطبيق الذي أطلقه الـ NTRA في يناير الماضي لفحص موقف الأجهزة، فوجئوا بإيقاف أجهزتهم بالرغم من توثيق إعفائها سابقاً عبر التطبيق ذاته، خاصة وأن قرار إلغاء إعفاء الأجانب صدر في سبتمبر، مما يجعل كل إعفاء سابق له صحيحاً وقانونياً.
وفي الختام، أكد رمضان دعم الشعبة الكامل لتنظيم السوق وضمان حقوق الدولة، ولكنه شدد على مبدأ أساسي: عدم تحميل المواطن أو التاجر نتائج قرارات بأثر رجعي تضرب استقرار السوق وثقة الجمهور في المنظومة.
ودعا إلى تفعيل قناة اتصال مباشرة وفعالة بين الجهات الحكومية وشعبة الاتصالات قبل اتخاذ أي قرار مصيري، لضمان تحقيق الموازنة المطلوبة بين مصلحة الخزانة العامة وحماية المستهلك من أي مفاجآت تضر به.