سرقة الأسوِرة الأثرية جريمة في قلب التاريخ…
سرقة الأسوِرة الأثرية جريمة في قلب التاريخ…
كتبت: زينب النجار
سرقة الأسوِرة الأثرية جريمة.. .ليست كل السرقات متشابهة. حين تمتد يد إلى قطعة أثرية مصرية يزيد عمرها على خمسة آلاف سنة، فالخسارة لا تُقاس بوزن الذهب ولا بالدولارات، بل تضرب في عمق الهوية والذاكرة الجماعية ، الأسوِرة المسروقة ليست مجرد حُليٍّ من معدن نفيس، بل شاهد على حضارة بنت الأهرامات وكتبت أولى صفحات التاريخ الإنساني….
قالوا انصهرت؟
ترددت أنباء عن ذوبان القطعة لإخفاء معالم الجريمة، وكأنها مجرد سبيكة ذهبية…
لكن الحقيقة أن قيمة الأثر التاريخية
لا تقلّ أهمية عن قيمته المادية، مثل هذه الكنوز لا تختفي، بل تظهر لاحقًا في مزادات عالمية أو عند تجار التحف، بعد أن تمرّ عبر أيادٍ كثيرة.
السؤال الذي يطرح نفسه كيف تُسرَق أسوِرة من المتحف المصري، ذلك المكان الذي يُفترض أن يكون الأكثر حراسة ورقابة؟ الكاميرات موزعة في القاعات، البوابات مزودة بأجهزة إنذار، والمداخل والمخارج عليها حراس. فهل يُعقل أن تمر قطعة بهذا الحجم دون أن ترصدها عين الكاميرا أو صافرة جهاز الكشف؟
الأغرب أن الأحاديث أشارت إلى أن موظفة خرجت دون تفتيش، وأن أجهزة الإنذار لم تعمل فهل هناك ثغرة إجرائية؟
هل جرى إستغلال أمتياز وظيفي للمرور دون تفتيش؟ أم أن هناك من عطّل الأجهزة عمدًا؟ كل هذه التساؤلات مشروعة، لكنها تكشف عن خطورة الوضع ..
ما حدث لا يمكن تفسيره فقط بـ خطأ فردي أو سهو عابر….
في مثل هذه القضايا، غالبًا ما يُقدَّم للرأي العام كبش فداء سريع، بينما تبقى الشخصيات الحقيقية التي تقف وراء الجريمة في الظل ، سرقة آثار بحجم هذه الأسوِرة لا تحدث إلا في ظل تواطؤ أو إهمال جسيم. فالأمر يتجاوز مجرد لصوص مغفلين، بل يتعلق بشبكات تعرف جيدًا قيمة القطع الأثرية وطرق تهريبها وبيعها ..
المطلوب ليس فقط البحث عن الفاعل، بل إصلاح هيكلي كامل لمنظومة حماية الآثار ،من الضروري ضمان أنظمة مراقبة فعّالة وحفظ التسجيلات بشكل آمن.
تفتيش كل الداخلين والخارجين بلا أستثناء.
التحقيق بشفافية ومحاسبة أي مسؤول قصّر أو تستر.
التعاون مع قواعد بيانات دولية لتعقب القطعة إذا ظهرت في الأسواق.
سرقة الأسوِرة ليست مجرد سرقة شئ قديم، بل أعتداء على ذاكرة إنسانية مشتركة ،ما حدث جرس إنذار يدعونا لإعادة التفكير في كيفية حماية آثارنا. وإذا لم نأخذ الأمر بجدية، فسنستيقظ يومًا لنجد أن صفحات كاملة من تاريخنا تبخرت، ليس لأنها ضاعت، بل لأننا تركناها تضيع….