رحماء بينهم .. قسوة انهيار الحياة الزوجية
رحماء بينهم .. قسوة انهيار الحياة الزوجية
بقلم: د. رحاب أبو العزم
لقد سطر كثير من الفقهاء ومستشارو الأسرة وغيرهم من أهل التخصص عديدًا من النصائح والاستشارات الفقهية والأسرية والنفسية والاجتماعية كي تُبنى البيوت، وتُحمى من التصدع والانهيار قدر الإمكان؛ وذلك لأهمية الحفظ على البيوت من الفرقة والانهيار، فلا يسعد إبليس أكثر من فراق الزوج زوجته؛ كما بين النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال فيما رواه مسلم: « إن إبليس يضع عرشه على الماء
ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة. يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته.
قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت ». هكذا تؤكد السنة النبوية شدة وقسوة هدم الحياة الزوجية على الأسوياء، وفرحة الشيطان بأي تصدع يؤدي لتطليق الزوج زوجته.
حينما يظن الزوجان أن كل منهما ونس الآخر
إن حفظ البيوت من الانهيار يبدأ بحسن الاختيار ثم يستمر في مراحله كي نحسن إدارة المواقف والأقوال والأفعال عبر حياة طويلة تنبت لنا الذرية الصالحة. كثير هم من يمرون بشاطئ الحياة لكنهم قليل من يغوص في عمق الروح فيؤنسها ليكون أنيس الروح. بالماضي؛ كان تعبير دارج على ألسنة من فقد شريك حياته ( فقدت ُالونس) من الونس؟ من أنيس الروح؟ ليس الأخ وليس الأخت وليس الصديق وليس القريب؛ بل أنيس الروح هو الشريك الذي يجب أن نختاره بعناية لأن لقلبنا علينا حق، ولروحنا علينا حق، ولمستقبلنا علينا حق.
حينما يعيش الزوجان سويًا على يقين بأن الونيس هو الضوء الذي ينبعث فجأة ليضيء ما أظلمته الأيام فنبصر الأمل في غد أفضل؛ فيجتهد كل طرف لحفظ كيان حياتهما، ويبذل كل طرف الوقت والعقل والتفكير كي يحفظ قلب الآخر من الجرح، ويحفظ روح الآخر من اليأس، ويمنحه ضياء الحياة قدر الإمكان. إن ونيس الروح هو باختصار ذاك الشريك الذي يتآلف معه العقل والقلب؛ لذا على الفتاة والشاب والمرأة والرجل واجب التدقيق في اختيار من يتآلف معه؛ لأن ونيس الحياة هو من ربطتنا به الآية الكريمة في أدق وصف (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ).
لكننا قوم لا نفقه و لا نعقل ولا نتدبر
ما أعظم حياة تجد فيها شريكًا يزرع في طريقك راحة لم تطلبها، ويحيل لك لحظات بائسة إلى ابتسامة تحتاجها، ويمسك بيديك لترسما صورة براقة لواقع سعيد، وما أجمل أن تسعد بشريك يهديك الأمان لتعلم أن الصدق ليس بعملة مفقودة وأن خير المحبة عطاء متبادل. وكل من يتلاعب بهذا المفهوم بحجة قلة الإمكانيات المالية، أو بعظيم الضغوط الحياتية رغبة في الترفيه عن نفسه، أو لمرض نفسي، أو لخلل عقلي، أو لسفه تجاه مشاعر الآخرين فهو ممن لا يقدسون هيبة المودة والسكن وقدر شريك الحياة
وهذا النوع من البشر يندرج تحت قوم لا يفقهون ولا يعقلون ولا يتدبرون؛ فلقد أمات حياته من وصف الرحمة فابتعد عن بريق الحياة: “رحماء بينهم” كم هو رائع أن يعيش الزوجان رحماء بينهم؛ كل طرف يحفظ قلب الآخر بالرحمة والود.