تحويل القبلة بين الحكمة والمحنة ..
تحويل القبلة بين الحكمة والمحنة ..
بقلم الكاتبة: سلوى عبد الستار الشامي
……………
لما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة.. استقبل بيت المقدس ستة عشر شهراً (قبلة اليهود)، وكان يحب أن يصرفه الله إلى الكعبة ، وقال لجبريل ذلك فقال :” إنما أنا عبد ، فادع ربك واسأله” تفسير سورة البقرة – الآية 61
، فجعل يقلب وجهه في السماء يرجو ؛حتى أنزل الله عليه ” قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام”سورة البقرة: الآية ١٤٤.
وكان في تحويل القبلة حكمة ومحنة للمسلمين والكافرين..
فأما المسلمون فقالوا:
” آمنا به كل من عند ربنا” سورة آل عمران: الآية ٧
وهم الذين هداهم الله ولم تكن بكبيرة عليهم؛ وأما المشركون فقالوا: ” ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ” { سورة البقرة: الآية ١٤٢}؛ وأما المنافقون فقالوا : إن كانت القبلة الأولى حقاً ، فقد تركها ، وإن كانت الثانية هى الحق فقد كان على باطل .
لا شك.. قد كان تحويل القبلة أول نسخ وقع في الإسلام، وكان الله سبحانه وتعالى قد أقر جواز النسخ قبل ذلك في قوله تعالى ” ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ، ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير ” سورة البقرة: الآية ١٠٦ ،
ففي ذلك تتجلى عظمة الله سبحانه وتعالى في أمر النسخ وقدرته عليه؛ وأنه سبحانه وتعالى يأتي بخير من المنسوخ أو مثله ، ثم أعقب الله سبحانه وتعالى بالمعاتبة لمن تعنت على رسوله ، ثم ذكر بعده اختلاف اليهود والنصارى وشهادة بعضهم على بعض بأنهم ليسوا على شئ ثم ذكر شركهم بقولهم ” اتخذ الله ولداً ” سورة البقرة – الآية 116
وأخبر الله سبحانه وتعالى أن المشرق والمغرب لله فأينما ولى عباده وجوههم فثم وجهه ، وأخبر رسوله أن أهل الكتاب لا يرضون عنه حتى يتبع قبلتهم.
وذكر المولى عز وجل ، خليله إبراهيم وبناءه البيت بمعاونة ابنه اسماعيل (عليهما السلام) ، وأنه جعل إبراهيم إماماً للناس وأنه لا يرغب عن ملته إلا من سفه نفسه.
ثم أمر عباده أن يأتموا به ، وأن يؤمنوا بما أنزل إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وما أنزل إليهم وإلى سائر النبيين .
وأخبرنا الله سبحانه وتعالى أنه هو الذي يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، فالله هو الذي هداهم إلى هذه القبلة التي هى أوسط القبل وهم أوسط الأمم ، كما اختار لهم أفضل الرسل وأفضل الكتب.
وأخبر الله سبحانه وتعالى ، أنه فعل ذلك لئلا يكون للناس عليهم حجة إلا الظالمين فإنهم يحتجون عليهم بتلك الحجج الباطلة ، التي لا ينبغي أن تعارض الرسل بأمثالها وليتم نعتمه عليهم ويهديهم .
وذكر المولى عز وجل ، نعمته عليهم بإرسال الرسول صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإنزال القرآن الكريم ، وأمرهم بذكره وشكره ورغبهم في ذلك بأنه يذكر من ذكره ويشكر من شكره ، كما أمر الله سبحانه وتعالى الاستعانة بالصبر والصلاة وأخبرهم أن الله مع الصابرين.