بعيدا عن الشائعات المغلوطة: متى تم إنشاء؟ سنترال رمسيس
بعيدا عن الشائعات المغلوطة: متى تم إنشاء؟ سنترال رمسيس
سنترال رمسيس ..في أعقاب الحريق المؤسف الذي اندلع في مبنى سنترال رمسيس وسط القاهرة، انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام معلومات مغلوطة تزعم أن المبنى تم إنشاؤه في عهد الملك فؤاد عام 1927. ورغم انتشار هذه الرواية، فإنها لا تستند إلى أي توثيق تاريخي دقيق.
إنشاء أول مركز اتصالات في عهد الملك فؤاد..
صحيح أن أول مركز للاتصالات الهاتفية في مصر تم إنشاؤه في عهد الملك فؤاد، والد الملك فاروق، إلا أن هذا لا يعني أن المبنى الذي احترق بالأمس يعود لنفس الحقبة. فالمبنى التاريخي الذي أنشئ حينها لا يزال قائمًا ويُعرف الآن كمبنى تابع لوزارة النقل، ويقع بجوار مبنى السنترال الحالي. ويتميز ذلك المبنى بطرازه المعماري الكلاسيكي وفخامته التي تعكس روح الحقبة الملكية.
تساؤلات منطقية تنفي الرواية المغلوطة
من غير المنطقي أن يتم بناء مبنى ضخم للاتصالات في عشرينيات القرن الماضي، في وقت لم يكن فيه عدد الخطوط الهاتفية في مصر يتجاوز بضع مئات. هذا التناقض وحده يكفي لنفي صحة الادعاء بأن المبنى الحالي يعود لعهد الملك فؤاد.
إنشاء سنترال العتبة في عهد عبد الناصر
مع توسع الدولة المصرية وتطور قطاع الاتصالات، شهدت البلاد في خمسينيات وستينيات القرن الماضي تطورًا لافتًا في هذا القطاع، حيث تم إنشاء “سنترال العتبة” أو ما عُرف لاحقًا باسم “سنترال الأزبكية”، في عهد الرئيس جمال عبد الناصر. وقد مثل ذلك المشروع نقلة نوعية في البنية التحتية للاتصالات في مصر، ولا يزال المبنى مستخدمًا حتى اليوم.
سنترال رمسيس.. نتاج عصر السادات
المبنى الذي شهد الحريق يوم أمس، والمعروف باسم “سنترال رمسيس”، تم إنشاؤه خلال عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وتحديدًا في سبعينيات القرن الماضي. ويتكون المبنى من 15 طابقًا، من بينها طابقان تحت الأرض، وقد تم اعتماده كمركز رئيسي للاتصالات على مستوى الجمهورية، ليحل محل سنترال العتبة.
وقد أظهرت لوحة الافتتاح الموجودة داخل المبنى أنه افتُتح رسميًا خلال فترة حكم السادات، مما يعزز حقيقة أن هذا الصرح لا يمت بصلة لعهد الملك فؤاد.
الطراز المعماري شاهد على العصر
حتى لمن يجهل التسلسل الزمني لتاريخ المبنى، فإن التصميم المعماري كفيل بتحديد الحقبة الزمنية التي بُني فيها. فالشكل الخارجي، ومواد البناء، وتوزيع المساحات، كلها تعكس الطابع المعماري السائد في السبعينيات، وتتناقض تمامًا مع الطراز الكلاسيكي المعروف في عهد الملك فؤاد.
أهمية تحري الدقة في المعلومات التاريخية
نشر المعلومات الخاطئة دون التحقق منها، خاصة فيما يتعلق بالمنشآت الحيوية والتاريخية، يؤدي إلى تشويش الرأي العام وتزييف التاريخ. وبينما نُعزي أسر ضحايا هذا الحريق المؤلم، علينا أن نكون أكثر حرصًا في تناقل الروايات، وأن نعتمد على التوثيق والمصادر الموثوقة في سرد الحقائق.