المتحف المصري الكبير .. ساحات للمحاكمات المفتوحة وخطة التشويه

 

المتحف المصرى الكبير .. رغم كل ما أُثير من أنتقادات حول حفل الإفتتاح ، ورغم الهفوات الصغيرة التي صاحبت هذا الحدث العظيم، فإن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن الإفتتاح حمل رسائل عميقة وبالغة القيمة، لا تقل أهمية عن عظمة المتحف نفسه.

كتبت: زينب النجار

ففي الوقت الذي إختار فيه البعض التركيز على التفاصيل الثانوية، كانت مصر تقدم أمام العالم مشهدًا من الفخر الإنساني والحضاري، وتعلن من خلاله أن التاريخ لا يُعرض فحسب، بل يُعاد إحياؤه في كل حجر وعمود وإضاءة وأبتسامة.
من الطبيعي أن تشهد أي أحتفالية كبرى بعض الهفوات، فحتى أعظم دول العالم من هوليوود إلى باريس لا تخلو مهرجاناتها أو مناسباتها من أخطاء في التنظيم أو الأداء، لكن شعوبهم لا تلتفت إلى ذلك، بل تتعامل معه كأمر عابر، لأنها تدرك قيمة الصورة الكبرى: أن بلدهم تضيء وتُبدع وتُقدّر أمام العالم.
أما نحن، فقد أصبح بعضنا أسرى لعدسة النقد السلبي، نُضخّم الهفوات الصغيرة وننسى الجمال الذي أمامنا.

ساحات للمحاكمات والهجوم

تحوّلت منصات التواصل الإجتماعي إلى ساحة محاكمة مفتوحة، الكل فيها ناقد، ومحلل، وخبير، ومخرج ومهندس ومصمم أزياء ، وكأن الهدف لم يعد الارتقاء بالذوق، بل إثبات القدرة على الهجوم. انتقادات للمحتوى، وللأداء، ولملابس الفنانين والمقدمين، حتى النجمة شريهان، التي كانت أيقونة استعراضية أضاءت المسرح المصري لعقود، لم تسلم من السهام.
رغم مرضها، ورغم مرور السنوات، صعدت بإصرارٍ وأناقة لتمنح الحدث لمسة من البهاء والوفاء لتاريخها، ومع ذلك وُجهت لها الانتقادات!
كان الأجدر أن نراها كما يجب أن تُرى رمزًا للجمال الذي لا يشيخ، وللفن الذي لا يخضع للزمن.
إن افتتاح المتحف المصري الكبير لم يكن مجرد أحتفالية، بل رسالة وطنية للعالم كله بأن مصر رغم كل التحديات ما زالت قادرة على الإبهار، على أن تجمع بين الأصالة والمعاصرة، بين جلال التاريخ وبريق الحاضر.

كلمات قاسية للغاية

وراء هذا الحدث أيادٍ كثيرة عملت في صمت، من مهندسين وفنانين وعمال وإداريين، حملوا المشروع على أكتافهم حتى وصل إلى النور. هؤلاء هم الجنود المجهولون الذين يستحقون التحية قبل أي نقد، لأنهم كتبوا صفحة جديدة في سجل الحضارة المصرية.
لقد نجحت مصر في تقديم عرض عالمي يليق باسمها، والانتقادات مهما ارتفعت أصواتها لن تُغيّر الحقيقة …
أن المتحف المصري الكبير أصبح منارةً للثقافة والوعي والإنسانية، ومصدر فخر لمصر وللعالم أجمع.
فليتنا نتعلم أن نرى بعين المحبة قبل أن نحكم بعين الانتقاد،
وأن ندرك أن دعمنا وافتخارنا ببلدنا هو أعظم ما نقدمه لها، لأن الحضارة لا تبنى بالكلمات القاسية، بل بالفخر، والتشجيع، والإيمان بما نملك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.