“PHDC’25”.. مصر تطلق تحالفا صحيا شاملا لحماية الرياضيين وتوطين الدواء
مصر تطلق العنان لاستثمارات غير مسبوقة في رأس المال البشري: مؤتمر السكان 2025 يحفز تحولا تاريخياً في منظومة الصحة والتنمية
كتب باهر رجب

الجمعة، 15 نوفمبر 2025 – العاصمة الإدارية الجديدة
برعاية كريمة من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وانطلاقا من شعار “تمكين الأفراد، تعزيز التقدم، إتاحة الفرص”، شهدت العاصمة الإدارية الجديدة ختام فعاليات النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية (PHDC’25)، والذي أقطره أكثر من 25 ألف مشارك في الأيام الثلاثة الأولى فقط، مؤكدا مكانته كمنصة دولية رائدة للحوار وتبادل الخبرات. وقد شكل المؤتمر محطة تاريخية أعلنت خلالها مصر عن إستراتيجيات طموحة و شراكات نوعية تضع الاستثمار في صحة الإنسان وحياته في صدارة أولويات الدولة.
الصحة.. استثمار وطني وليس تكلفة
في كلمته الافتتاحية، أطلق الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، الرسالة المحورية للمؤتمر، مؤكدا أن الصحة ليست مجرد تكلفة، بل هي استثمار حقيقي في مستقبل أكثر ازدهارا وعدالة، وأن كل مبلغ ينفق على الصحة يعود أضعافا مضاعفة في صورة إنتاجية أعلى ومجتمعات أكثر استقرارا. وأوضح أن “الاقتصاد الصحي” و”الدبلوماسية الصحية” أصبحا أداتين حاسمتين لتحقيق الأمن الصحي العالمي.
ولتجسيد هذه الرؤية على أرض الواقع، استعرضت وزارة الصحة والسكان تطور الموازنات الصحية التي شهدت قفزة غير مسبوقة، بزيادة بأكثر من 9 أضعاف، من 42.4 مليار جنيه عام 2014 لتصل إلى 406.47 مليار جنيه خلال عام 2025، مما يؤكد تحول النظرة للإنفاق الصحي ليكون محركا للنمو بدلا من كونه مجرد تكلفة.
شراكات استراتيجية.. من حماية الرياضيين إلى توطين صناعة الدواء
على هامش المؤتمر، شهدت القاعات توقيع سلسلة من الاتفاقيات والبروتوكولات التي تهدف إلى تعزيز البنية التحتية للرعاية الصحية والتنمية البشرية في مصر:
حماية الرياضيين: شهد الدكتور خالد عبدالغفار والدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، توقيع مذكرة تفاهم بين الوزارتين تهدف إلى حماية صحة الرياضيين وتقليل الوفيات المفاجئة. وأوضح الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، أن المذكرة تنطلق من رؤية مصر 2030، وترتكز على إجراء فحوصات أولية قبل المشاركة في الأنشطة، وفحوصات دورية للانضمام لها، بالإضافة إلى فحوصات شاملة دورية في منشآت الوزارة.
توطين الصناعة الدوائية: في خطوة محورية لتعزيز الأمن الدوائي، شهد الوزير توقيع اتفاقية تعاون استراتيجي بين شركتي “مينا فارم” و”باير” الألمانية لتوطين صناعة الأدوية في مجال صحة المرأة والصحة الإنجابية. وأكد الوزير أن هذه الشراكة ستسهم في نقل التكنولوجيا والخبرات، وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للصناعة والتصدير.
بروتوكولات متعددة لدعم الابتكار: وقعت الوزارة 5 بروتوكولات تعاون جديدة شملت:
أسترازينيكا: للكشف المبكر عن الأمراض غير السارية وتدريب آلاف مقدمي الرعاية الصحية.
ميندراي: لدراسة إنشاء مستشفيات ذكية وتوطين صناعة الأجهزة الطبية.
فويانس ميديكال تكنولوجي: للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير خدمات الرعاية وبناء بنية تحتية وطنية للذكاء الاصطناعي في التصوير الطبي.
جامعة الأزهر: لتنفيذ برامج تدريبية مشتركة في مجالات الصحة الإنجابية والولادة الطبيعية.
لوريال: لرفع الوعي بالصحة الجلدية ودعم المشورة الأسرية.

الاستثمار في الإنسان.. من الطفولة إلى الشيخوخة الصحية
كذلك تكريسا لنهج “بناء الإنسان”، سلط المؤتمر الضوء على سياسات التمكين لكل الفئات العمرية:
الطفولة والأمومة: حيث توجهت الدكتورة سحر السنباطي، رئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة، بالشكر للدكتور خالد عبدالغفار لزيارته جناح المجلس، مؤكدة أن هذه الزيارة تعكس الاهتمام المتزايد بقضايا الطفل ودعم الجهود الوطنية لتمكينه وتعزيز حقوقه في الصحة والتعليم والحماية.
الشيخوخة الصحية: كما شاركت المهندسة مرجريت صاروفيم. نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي، في جلسة حوارية بعنوان “طول العمر الصحي عبر الأجيال”. حيث استعرضت جهود الوزارة في رعاية كبار السن عبر برنامج “كرامة” الذي يقدم الدعم لنحو 524,537 مسنا. بالإضافة إلى الإعفاءات من رسوم المواصلات ومبادرات الدمج المجتمعي.
تعزيز العمل اللائق: كما نظمت وزارة العمل جلسة خاصة حول “تعزيز العمل اللائق في مصر”. أكد خلالها الوزير محمد جبران أن هذا المفهوم يمثل ركيزة أساسية للتنمية البشرية المستدامة. مشيرا إلى أن قانون العمل الجديد يعد نموذجا للحوار الاجتماعي. الحقيقي ويعزز الحماية الاجتماعية والمساواة وبيئة العمل الآمنة.
التحول الرقمي والتعليم الطبي.. ركائز المستقبل
التحول الرقمي في الرعاية الصحية: كما تفقد الوزير معرض “سمارت هيلث جيت” الذي يجسد رحلة المواطن الكاملة داخل المنظومة الصحية من الحجز حتى المتابعة والعلاج. ويضم المعرض الذي تبلغ مساحته 6400 متر مربع. 79 جهة مشاركة. ويشكل منصة رائدة لعرض الابتكارات وفتح شراكات في مجالات التكنولوجيا والاتصالات والأجهزة الطبية.
تعزيز التعليم الطبي: في إطار بناء القدرات، شهد الوزير حفل تكريم أوائل خريجي دفعة 2024 الحاصلين على شهادة البورد المصري. مؤكدا أن هذه الشهادة أصبحت رمزا للتميز المهني و الأكاديمي معترفا بها عربيا ودوليا. وهي جزء من استراتيجية الدولة لتطوير العنصر البشري كركيزة للمنظومة الصحية المستدامة.

رعاية صحية شاملة.. النموذج المصري يحتذى به
كما شهد المؤتمر اهتماما دوليا ملحوظا بالنموذج المصري للإصلاح الصحي. وخلال لقاء جمع الدكتور أحمد السبكي، رئيس هيئة الرعاية الصحية، بنظيره العراقي الدكتور صالح مهدي الحسناوي. وزير صحة جمهورية العراق، تمت مناقشة سبل تبادل الخبرات في مجالات التغطية الصحية الشاملة. كذلك أشاد الوزير العراقي بالتجربة المصرية الرائدة. مؤكدا اهتمام بلاده بالاستفادة منها لضمان النفاذ العادل للخدمات الصحية.
كما شارك الدكتور خالد عبدالغفار في جلسة حوارية بعنوان “تعزيز الرعاية الصحية الأولية: ضرورة لتحقيق التغطية الصحية الشاملة”. حيث استعرض رحلة الإصلاح التي بدأت عام 2018 بإطلاق التأمين الصحي الشامل. مؤكدا أن الرعاية الصحية الأولية هي حجر الأساس لنظام يضمن الجودة والوصول والإنصاف.
خاتمة: استثمار في الإنسان يحقق النهضة
علاوة على ذلك في ختام فعالياته، أكد المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية 2025 على حقيقة جوهرية. وهي أن الاستثمار في الصحة ليس رفاهية ولا عبئا اقتصاديا. بل هو أساس الاستثمار في بناء الإنسان. و ركيزة لمجتمع أكثر إنتاجية وعدالة ورفاهية. كذلك من خلال هذه الرؤية المتكاملة والشراكات الواسعة. تضع مصر خطوات ثابتة نحو تحقيق أهداف رؤية 2030. مبرهنة أن صحة المواطن هي أقصر الطرق نحو تنمية بشرية حقيقية ومستدامة.