وداعًا عمرو دوارة.. حارس الذاكرة المسرحية

وداعًا عمرو دوارة.. حارس الذاكرة المسرحية

 

كتبت : عربي أبو سنة

 

عمرو دوارة.. رحل عن عالمنا صباح اليوم الخميس المؤرخ والمخرج المسرحي الدكتور عمرو دوارة، الملقب بـ “حارس الذاكرة المسرحية”، بعد صراع طويل مع المرض، تاركًا خلفه إرثًا ثقافيًا وفنيًا عظيمًا سيبقى شاهدًا على إخلاصه وعشقه للمسرح المصري والعربي.

مسيرة فنية زاخرة بالعطاء

أفنى الراحل عمره في خدمة المسرح، مؤمنًا برسالته الثقافية والإنسانية، فكان مخرجًا ومؤلفًا وناقدًا ومؤرخًا في آنٍ واحد. وعلى مدار أكثر من نصف قرن، أثرى الحياة المسرحية بعشرات الأعمال المميزة التي حفرت أسماءها في ذاكرة الجمهور، من أبرزها: وهج العشق، خداع البصر، عصفور خايف يطير، النار والزيتون، بيت المصراوي، حاصل الضرب والقسمة، وممنوع الانتظار.
أما آخر أعماله الإخراجية فكانت مسرحية “قمر الغجر” التي عُرضت على مسرح البالون، لتكون بمثابة ختام لمسيرة مبدع لم يعرف التوقف يومًا عن العطاء.

من بيت الفن إلى ساحة الريادة

وُلد عمرو دوارة في بيتٍ يتنفس الفن، فهو نجل الناقد الكبير فؤاد دوارة، أحد أبرز الأسماء في النقد المسرحي المصري. بدأ حياته الأكاديمية في مجال الهندسة، قبل أن يحقق حلمه الحقيقي بدراسة المسرح، فتخرّج في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1984.
لم يكتفِ بالعمل في الإخراج والتأليف، بل لعب دورًا مهمًا في تنظيم وإدارة العديد من المهرجانات المسرحية داخل مصر وخارجها، ما جعله واحدًا من أبرز رموز المسرح العربي الحديث، وصوتًا صادقًا يحمل هموم الفن وأهله.

مؤرخ المسرح العربي وموسوعته الخالدة

كان دوارة عاشقًا لتاريخ المسرح، فكرّس سنوات طويلة من عمره لتوثيقه بدقة نادرة. ويُعد مشروعه الأبرز “موسوعة المسرح المصري المصورة” علامة مضيئة في مسيرته، حيث استغرق العمل عليها 27 عامًا لتغطي أكثر من 150 عامًا من تاريخ المسرح المصري والعربي.
تضم الموسوعة 18 جزءًا تشمل ما يزيد على 7500 مسرحية و22 ألف صورة نادرة، تُجسّد ذاكرة بصرية وتاريخية متكاملة للحركة المسرحية. وقد صدر منها حتى الآن 12 جزءًا، فيما تأخر إصدار بقية الأجزاء لأسباب فنية وإدارية.

تكريم مستحق لمسيرة استثنائية

في عام 2022، نال الدكتور عمرو دوارة جائزة الدولة للتفوق في الآداب، تكريمًا لمسيرته الطويلة وجهوده الكبيرة في توثيق المسرح المصري والعربي، وإسهاماته الفكرية التي أسهمت في إثراء الحياة الثقافية والفنية.

وداع بحجم التاريخ

برحيله، فقدت الساحة الفنية واحدًا من أهم المؤرخين والمبدعين الذين صانوا ذاكرة المسرح، وخلّدوا أسماء رواده.
رحم الله عمرو دوارة، الذي أحب المسرح بصدق، وأهداه عمره كله. سيبقى اسمه محفورًا في وجدان المثقفين والفنانين، رمزًا للإخلاص والإبداع والتوثيق.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.