الفيروس الحليمي: العدو الصامت في غرفة نومك الذي يهدد بالسرطان

كتب باهر رجب

الفيروس الحليمي البشري (HPV): عدو صامت يهدد صحة الرجال والنساء

ينتشر فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) كأحد أكثر أنواع العدوى الفيروسية شيوعا على مستوى العالم، حيث يصيب الملايين سنويا، وكثير منهم لا يعلمون حتى بوجوده. ورغم أن معظم سلالاته غير ضارة وتختفي من تلقاء نفسها، إلا أن بعض الأنواع عالية الخطورة قد تمهد الطريق للإصابة بأمراض خطيرة، وعلى رأسها السرطان. في هذا المقال الصحفي المفصل، نكشف عن كل ما تريد معرفته عن هذا الفيروس الصامت، بدءا من ماهيته و وصولا إلى أحدث طرق الوقاية والعلاج تابع التفاصيل على أخبار مصر.

ما هو الفيروس الحليمي البشري؟

فيروس الورم الحليمي البشري هو مجموعة تضم أكثر من 200 نوع من الفيروسات. يصيب هذا الفيروس الخلايا الظهارية في الجسم، وهي الخلايا التي تغطي الأسطح الداخلية والخارجية للجسم، بما في ذلك الجلد، الحلق، الأعضاء التناسلية، والشرج.

نشأته وتاريخه

يعتبر فيروس الورم الحليمي البشري من الفيروسات القديمة التي تطورت مع البشر على مر العصور. وقد تم التعرف على دوره المسبب للثآليل الجلدية منذ القدم، لكن اكتشاف علاقته الوثيقة بالسرطان، وخصوصا سرطان عنق الرحم في ثمانينيات القرن الماضي على يد العالم الألماني هارالد تسور هاوزن (Harald zur Hausen)، والذي نال على إثره جائزة نوبل في الطب عام 2008، شكل نقطة تحول في فهم خطورة هذا الفيروس.

أعراض الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري

في غالبية الحالات، لا تظهر أي أعراض على الشخص المصاب، ويتغلب الجهاز المناعي على الفيروس دون أن يدرك الشخص وجوده. ولكن عندما تظهر الأعراض، فإنها تختلف باختلاف نوع الفيروس:

 الثآليل الشائعة:

تظهر على شكل نتوءات بارزة و خشنة على اليدين والأصابع.

الثآليل الأخمصية:

تنمو على كعوب أو باطن القدمين، وتكون صلبة ومؤلمة عند المشي.

الثآليل المسطحة:

تكون أصغر حجما وأكثر نعومة، وقد تظهر في أي مكان بالجسم.

الثآليل التناسلية:

تظهر على هيئة نتوءات صغيرة تشبه القرنبيط أو تكون مسطحة في المنطقة التناسلية أو حول الشرج. قد تسبب الحكة أو الانزعاج، ولكنها نادرًا ما تكون مؤلمة.

تغيرات محتملة التسرطن:

وهي الأخطر، حيث لا تسبب أعراضا واضحة في مراحلها الأولى، ولكن يمكن الكشف عنها من خلال الفحوصات الدورية مثل “مسحة عنق الرحم” لدى النساء.

طرق الإصابة ونقل العدوى

تحدث العدوى عندما يدخل الفيروس إلى الجسم، وعادة ما يكون ذلك عبر جرح أو خدش صغير في الجلد. أما طرق نقل العدوى الرئيسية فتشمل:

 الاتصال الجنسي:

هو الطريق الأكثر شيوعا لانتقال سلالات الفيروس التي تصيب الأعضاء التناسلية، ويشمل ذلك الاتصال الجنسي المهبلي، الشرجي، و الفموي.

التلامس الجلدي المباشر:

يمكن لبعض أنواع الفيروس التي تسبب الثآليل الشائعة أن تنتقل عبر لمس ثؤلول شخص مصاب.

 من الأم إلى الجنين:

في حالات نادرة، يمكن أن تنتقل العدوى من الأم المصابة إلى طفلها أثناء الولادة.

 

مهم:

يمكن للشخص المصاب أن ينقل العدوى حتى لو لم تظهر عليه أي أعراض.

الوقاية: درهم وقاية خير من قنطار علاج

تعتبر الوقاية حجر الزاوية في مكافحة فيروس الورم الحليمي البشري، وتتمثل في:

 التطعيم (اللقاح):

هو الوسيلة الأكثر فعالية للوقاية. يوصى بإعطاء اللقاح للفتيات والفتيان في سن المراهقة (عادة بين 9-14 عاما) قبل بدء النشاط الجنسي لضمان أقصى حماية. يمكن إعطاء اللقاح أيضًا للشباب والبالغين حتى سن 26 عاما، وفي بعض الحالات حتى سن 45 عامًا بعد استشارة الطبيب.

 الفحوصات الدورية:

بالنسبة للنساء، يعد إجراء فحص “مسحة عنق الرحم” (Pap test) واختبار فيروس الورم الحليمي البشري بانتظام أمرا حيويا للكشف المبكر عن أي تغيرات غير طبيعية في خلايا عنق الرحم قبل تحولها إلى سرطان.

الممارسات الجنسية الآمنة:

استخدام الواقي الذكري يمكن أن يقلل من خطر انتقال العدوى، لكنه لا يوفر حماية كاملة لأن الفيروس يمكن أن يصيب مناطق جلدية لا يغطيها الواقي.

العلاج: السيطرة على الأعراض لا القضاء على الفيروس

حتى الآن، لا يوجد علاج يقضي على فيروس الورم الحليمي البشري نفسه. ولكن، يمكن علاج المشاكل الصحية التي يسببها الفيروس:

علاج الثآليل:

يمكن إزالتها باستخدام كريمات موضعية، أو عن طريق التجميد (العلاج بالتبريد)، الكي، الليزر، أو الجراحة.

علاج التغيرات محتملة التسرطن:

إذا كشفت الفحوصات عن وجود خلايا غير طبيعية، يقوم الطبيب بإزالتها لمنع تطورها إلى سرطان.

مدى خطورته وعلاقته بالسرطان

تكمن خطورة فيروس الورم الحليمي البشري في قدرة بعض سلالاته عالية الخطورة (وأشهرها النوعان 16 و 18) على التسبب في عدوى مزمنة تؤدي إلى تغيرات في الخلايا المصابة، مما قد يتطور بمرور الوقت إلى سرطان.

يرتبط الفيروس بشكل مباشر بما يلي:

سرطان عنق الرحم:

يعتبر المسبب الرئيسي لمعظم حالات سرطان عنق الرحم.

سرطانات أخرى:

سرطان الشرج، سرطان القضيب، سرطان المهبل والفرج، بالإضافة إلى أنواع من سرطان الفم والحلق.

نصائح هامة للرجل والمرأة

للمرأة:

التزمي بالفحوصات الدورية:

لا تهملي إجراء مسحة عنق الرحم واختبار فيروس الورم الحليمي البشري حسب توصيات طبيبك. الكشف المبكر ينقذ الأرواح.

استشيري طبيبك بشأن اللقاح:

حتى لو كنتِ متزوجة أو نشطة جنسيا، قد تستفيدين من اللقاح.

كوني على دراية بالأعراض:

أي نزيف غير طبيعي، أو ألم، أو إفرازات غير معتادة يستدعي زيارة الطبيب فورا.

 

للرجل:

 أنت لست بمأمن:

يمكن أن تصاب بالثآليل التناسلية و سرطانات مرتبطة بالفيروس مثل سرطان القضيب والشرج والحلق.

فكر في التطعيم:

اللقاح يحميك ويحمي شريكتك أيضا من خلال كسر سلسلة العدوى.

افحص نفسك بانتظام:

لاحظ أي تغيرات غير طبيعية أو ظهور ثآليل في المنطقة التناسلية و استشر الطبيب.

الختام

في الختام، يظل الوعي والمعرفة هما خط الدفاع الأول ضد فيروس الورم الحليمي البشري. إن التحدث بصراحة مع الأطباء والشركاء، والالتزام بالتطعيم والفحوصات الدورية، هي خطوات حاسمة للحفاظ على صحتك وصحة من حولك من هذا التهديد الخفي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.