في ذكرى رحيله.. محطات في حياة عزت أبو عوف الذي ترك الطب من أجل الفن
في ذكرى رحيله.. محطات في حياة عزت أبو عوف الذي ترك الطب من أجل الفن تابع مشواره على أخبار مصر.
في الأول من يوليو تطل علينا ذكرى رحيل الفنان القدير عزت أبو عوف الرجل الذي عُرف أمام الكاميرا برقيّه وهدوئه وأناقة حضوره، بينما كان يخفي خلف ذلك الوجه المطمئن عالمًا داخليًا مضطربًا، يعج بالمشاعر والتقلبات والذكريات الموجعة.
نشأة موسيقية في بيت “مسكون بالحنين”
ولد عزت أبو عوف في بيت يعشق الموسيقى، وترعرع بين جدران قصر كان يصفه دومًا بأنه “مسكون”. لم تكن تلك الكلمة مجرد توصيف لمكان، بل إسقاطًا على طفولة شهدت بدايات الغموض والحنين، كأن حياته منذ البداية كانت ترتبط بالأشباح — أشباح الذكريات والخوف والفقدان.
حب أبدي.. فاطيما التي لم تغب عن قلبه
لم يكن عزت مجرد فنان متزن، بل كان إنسانًا يحمل جراحًا خفية، أعمقها رحيل زوجته “فاطيما”، التي لم تكن بالنسبة له مجرد شريكة حياة، بل روحه، كما وصفها في أحد تصريحاته المؤثرة: “أنا فقدت روحي لما مشيت”. بعد وفاتها، ظل وفيًا لذكراها حتى الرمق الأخير، وحقق وصيته بأن يُدفن بجوارها.
الزواج الثاني.. محاولة للهروب من الاكتئاب
رغم محاولاته للظهور قويًا، لم يستطع عزت تجاوز حزنه. زواجه الثاني لم يكن نابعًا من حب جديد، بل جاء كوسيلة للهروب من اكتئاب أطبق على قلبه بعد فقد “فاطيما”. لم يكن جسده فقط من أنهكه المرض، بل كانت روحه المثقلة بالحزن هي ما كسرته بصمت.
نجم لا يبحث عن البطولة.. لكنه كان بطلاً في دعم الموهوبين
ورغم كونه محاطًا بالأصدقاء والفنانين، كان يعاني من شعور دائم بالغربة. لعل هذا الشعور هو ما جعله قريبًا من كل فنان ناشئ، يمنحهم الدعم وكأنه ربّان سفينة فنية لا يتصدرها، بل يوجّهها من الخلف. لم يكن يسعى للأضواء أو البطولات، بل كان يفضل أن يكون “الظلّ المؤثر” في كل عمل شارك فيه.
“بيت الأشباح”.. مرآة داخلية لقلق دفين
حكاياته المتكررة عن منزله “المسكون” لم تكن مجرد قصص طريفة، بل كانت تعكس قلقه الدفين وحنينه لأيام مضت. كان يرويها بمزيج من الجد والمزاح، كمن يحاول أن يتصالح مع أشباحه الخاصة، ويجد في الحكي متنفسًا لما يثقل صدره.
رحيل فنان وإنسان.. بين الشهرة والصمت
برحيل عزت أبو عوف، لم يخسر الفن مجرد ممثل أو موسيقي مميز، بل فقد إنسانًا نادرًا جمع بين الشهرة والوحدة، بين الحضور الطاغي والصمت العميق. كان فنانًا حقيقيًا لا يمثل فقط على الشاشة، بل عاش حياته كلها كما لو كانت مشهدًا سينمائيًا، تخلله صدق وألم وجمال نادر.
وفاء عبدالسلام