يوم الصحفي المصري : ذكرى نضال متجدد من أجل كسر أغلال القيود
يوم الصحفي المصري:
ذكرى نضال مستمر من أجل الكلمة الحرة
كتب باهر رجب
يصادف العاشر من يونيو من كل عام “يوم الصحفي المصري“، وهو ليس مجرد احتفال، بل وقفة لاستحضار تاريخ نضال طويل من أجل حرية الصحافة واستقلالها، وتذكير بالتحديات المستمرة التي تواجه مهنة البحث عن الحقيقة في مصر تابع التقرير على أخبار مصر 24.
جذور النضال:
مواجهة قانون التكميم (1995):
تعود الذكرى تحديدا إلى 10 يونيو 1995، عندما عقدت نقابة الصحفيين جلسة طارئة تاريخية.
كان الهدف رفض القانون رقم 93 لسنة 1995، المعروف إعلاميا بـ”قانون تكميم الصحافة“.
فرض هذا القانون قيودا غير مسبوقة: تشديد عقوبات النشر والسماح بالحبس الاحتياطي للصحفيين، مما هدد جوهر العمل الصحفي.
انتصار الإرادة:
نجاح النضال (1996):
قاد الصحفيون نضالا سلميا متواصلا لمدة عام.
تكللت الجهود بالنجاح بصدور القانون رقم 96 لسنة 1996، الذي عدل المواد الجائرة.
شارك الصحفيون أنفسهم في صياغة القانون الجديد ليكون أكثر إنصافا وحماية لحرية التعبير.
ثمن الحقيقة:
تضحيات على مر العصور:
امتد نضال الصحفيين خارج جدران النقابة إلى ميادين التحولات الكبرى، خاصة ثورة 25 يناير 2011.
قدمت الصحافة المصرية تضحيات جسيمة، حيث استشهد 13 صحفيا منذ تلك الفترة (مثل أحمد محمود، ميادة أشرف، أحمد عبد الجواد، مصعب الشامي).
تصاعدت المخاطر بشكل حاد بعد يوليو 2013، حيث استشهد 10 صحفيين في عشرة أشهر فقط.
تعرض المئات للاحتجاز والإصابة، ولا يزال عدد منهم رهن الاعتقال في ظروف صحية صعبة (بعضهم بأحكام، والبعض الآخر دون محاكمات).
تحديات راهنة:
قوانين مقيدة وهيمنة أمنية:
يواجه الصحفيون اليوم تحديات معقدة، أبرزها القانون رقم 180 لسنة 2018.
إهدار قيمة “الكارنيه”:
أفرغت المادة (12) من هذا القانون قيمة بطاقة نقابة الصحفيين (“الكارنيه”) – التي كانت التصريح الدستوري الوحيد لممارسة المهنة.
التصاريح الأمنية:
فرضت المادة (12) ضرورة الحصول على تصاريح أمنية مسبقة للتصوير في الأماكن العامة، مما يعيق عمل الصحفيين، خاصة المصورين، بشكل كبير.
دور النقابة:
بين الإرث التاريخي والمطالب الحالية:
لعبت نقابة الصحفيين دور تاريخيا “بيت الأمة” و ملاذا للدفاع عن الحقوق والحريات.
هناك دعوات ملحة لاستعادة هذا الدور المحوري في مواجهة التحديات الحالية.
أهداف النقابة الحالية تشمل:
إطلاق سراح الصحفيين المعتقلين ودعم أسرهم.
تحسين الأوضاع المعيشية والصحية للصحفيين.
مواجهة القوانين المقيدة للحرية، خاصة تعديل المادة (12) من القانون 180.
وضع ضوابط مهنية لمكافحة الدخلاء وحماية أخلاقيات المهنة.
إيجاد حلول للأزمات الاقتصادية التي تعصف بالمؤسسات الصحفية المستقلة والحزبية.
استعادة هيبة “الكارنيه” تعتبر شرطا أساسيا لتمكين الصحافة من أداء دورها في خدمة حق المجتمع في المعرفة.
الخاتمة: إرث حي وأمل متجدد:
يوم الصحفي المصري (10 يونيو) هو تذكير قوي بأن حرية الصحافة حق ينتزع بالنضال المستمر ولا يوهب. إن التحديات الراهنة، سواء السياسية أو الاقتصادية أو القانونية، تتطلب وحدة و تضامنا من جميع العاملين في المهنة. إرث انتفاضة 1995 يثبت أن الإرادة الجماعية قادرة على تحقيق التغيير. يبقى الأمل معقودا على استمرار النضال، جيلا بعد جيل، نحو صحافة حرة، مستقلة، ومسؤولة تكون حارسا للحقيقة ومرآة للمجتمع.