البنية الإجتماعية ما بين الحاضر و الماضي .. هل يمكن أن نلتقي ؟؟
البنية الإجتماعية ما بين الحاضر و الماضي .. هل يمكن أن نلتقي ؟؟
كان و مازال كل مستحدث يطرأ على الواقع المجتمعي للأفراد داخل المجتمع يؤدي بالضرورة إلى خلخلة في مركبات البنية الإجتماعية لذلك المجتمع ، تلك البنية التي تتطلب في الأصل شيء من الثبات و الإستقرار و لكن في نفس ذات الوقت لا تتطلب أبداً الجمود و الصلابة ،
خاصة إذا أدركنا أن الجمود و الصلابة هما أكبر أعداء لأي مجتمع يريد الإستمرار .
بقلم : نسرين معتوق
أي أننا كمجتمع أمام متضادين بالنسبة للبنية المجتمعية .. الميل للثبات و الإستقرار كأصل ، و ضرورة المرونة كأسلوب لضمان الإستمرارية .
ايضا:تعرف على شخصيات الٲطفال الذي سيظهرون في دراما رمضان 2024
= ماذا لو تغير الواقع الذهني للجماعة داخل مجتمع ما
؟
الفرد هو النواة الأساسية لأي مجتمع ، لذا فقبل الحديث عن البنية الإجتماعية و التغير يجب أولاً أن نوضح بأن الفرد في الغالب لا يؤثر على المجتمع إلا إذا كان صاحب نفوذ سياسي أو مجتمعي بارز ، بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون قد سعى إلى أحداث ذلك التأثير ، بينما المجتمع يؤثر على الأفراد الموجودين فيه بشكل تلقائي و بدون تكلف أدنى جهد ، لأن المجتمع في هذه المعادلة يكون بالتأكيد هو الأقوى .
لكن إذا ما حدث و تغير الواقع الذهني للجماعة ( و التي تتكون من عدد لا بأس به من الأفراد ) فإن النتيجة حتماً ستكون تغير للواقع الإجتماعي بأكمله ، و بالتالي تغير في البنية الإجتماعية .

= أبرز المستحدثات التي طرأت على الواقع المجتمعي و أدت إلى تغير فكر الجماعة :
* التطور الهائل في طرق التواصل : فالعالم المفتوح سهل التواصل بين الأفراد في المجتمعات المختلفة ، كما أن فرض العولمة سياسياً و إقتصادياً و ثقافياً و معلوماتياً أدى إلى إمتداد ذلك كله إلى الحياة الإجتماعية للأفراد داخل مختلف المجتمعات .
فظهر و بصورة واضحة تنوع فكري و ثقافي لدى الجماعة المكونة للمجتمع الواحد .
مع الأخذ في الاعتبار غلبة فكر و ثقافة المجتمعات الأقوى سياسياً و إقتصادياً ، و بصرف النظر عن مرجعية ذلك الفكر و تلك الثقافة .
* الطفرة الصناعية و التكنولوجية إنعكست على حياة الأفراد اليومية و الإجتماعية أيضاً : فبرغم أن سهولة التواصل و الإتصال كانت هي أهم سمات المرحلة ، إلا أن تفكك الحياة الإجتماعية هو أقوى المظاهر الحالية رصداً .
و لا يمكن القول بأن هناك مجتمعات إستطاعت النجاة من تلك الظاهرة ، إلا أن الصورة التي أتخذتها تلك الظاهرة في المجتمعات المتقدمة تبدو أكثر حدية و قوة .
* الهجرة إلى البلاد الأكثر تقدماً : تلك الهجرة كانت قد بدأت من سنوات طويلة إلا أنها في تزايد ، فالفجوة كبيرة و تزداد اتساعاً بين الدول المتقدمة و الدول الأقل تقدماً أو النامية ، و سواء كان هدف الهجرة العمل أو التعليم فإن كلا المجتمعات المتقدمة و النامية تأثر بالأفراد المهاجرة وافدين كانوا أو عائدين .

= سرعة وتيرة التغير الإجتماعي وسعت الفجوة بين الأجيال :
السرعة كانت أقوى سمة لكل ما يحدث حولنا ، و كنتيجة للطفرة التكنولوجية الهائلة التي يعيشها العالم كله فإن تلك السرعة أفقدت المستحدث عوامل تسهل على المجتمعات تقبله .. ألا و هما عامل التواتر و التراكم .
و عليه أصبحنا أمام فريقين :
الأجيال القديمة و التي تتمسك بكل ما هو قديم من أفكار و سلوكيات و حتى أشياء ، لأنه ببساطة اعتادها و يصعب عليه تركها أو تغيرها ، و حتى و لو فقدت صلاحيتها .
و الأجيال الحديثة و التي تنجذب لكل ما هو جديد و بصرف النظر عن ماهيته ، لأنه ذلك الجديد يرى فيه مستقبل بعيد عن الماضي الذي يرفض أمور كثيرة فيه .

و هذا بالتحديد هو جوهر الخلاف و هو ما يخلق التصادم بين الأجيال المختلفة إذا ما تمت إدارة الأمور بتلك الرؤيتين .
و لكن الأكيد أن هناك حل .. فمن خلال إدراك الإختلاف و تفهم منطقيته بعيداً عن التشبث بالرأي و السعي إلى تهميش كل فريق للأخر ، من خلال حوار محترم يمكن جداً الوصول لنقطة وسط و بالنهاية الجميع سيعود عليه ذلك بالنفع أفراد ( أياً ما كان تصنيفهم ) و مجتمع .