تسمية حضارة مصر بالفرعونية
تسمية حضارة مصر بالفرعونية
بقلم : الدكتور رمضان العوامي
بالفراعنة في غفلة من غفلات الزمن الطويلة والمظلمة أيضا بتغييّب أبناء الوطن بعيدا عن حضارة أسلافهم، بفعل التجهيل السرمدي اثر حملات الغزاة ، قام (الأخر) في ذلك الحين، والذي ليست له أية علاقة بالأرض أو أصحابها ، بالبحث والتنقيب ، فسرق ما سرق ، ثم حلل وبحث ثم كتب وكما يحلو له ، وأطلق على حضارة وادي النيل اسمالحضارة ( الفرعونية ) ونعت أصحابها بـشكل عام ( بالفراعنة )، في الوقت الذي ( فيما اعلم ) انه لا يملك أي دليل قطعي يفيد بصحة هذا الاسم ، وانه للأسف بعدذلك قد عمت هذه التسمية ووسمت بها حضارتنا في كافة أنحاء العالم ، دون آن يعترض احد علي صحتها من عدمه ، بل وأخذنا نكررها نحن أيضا ، ونحسبها فخرا. !!!
وقد أدعى ذلك (الأخر) دون بيّنة وكما راق له آن ( الفرعون ) صفة تضاف لاسم الملك ، ولا تعني اسم علم ، وهذه أيضا ليس لها أي سند أو أصل يستند عليه ، حيث إن الثابت في الكتب السماوية المقدسة ، آن ( فرعون ) هو اسم علم ، وليس صفة لملوك مصر العظام ، وعرف عن ذلك الفرعون في تلك الكتب ، بأنه طاغية ظالم وكافر ،يقتل الأطفال ويستحيي النساء ، ولاقى هو ورهطه العقاب الإلهي وحدهم دون بقية أهل مصر، وبغض النظر عن كونه مصري أو من الغزاة ، فانه من المغالطة التاريخية إطلاق اسمه علي حضارة عريقة امتدت قبله وبعده لآلاف السنين ، حتى وان كان ملكا مصريا وصالحا ابيضا ، فهو ليس مؤسسها الأول، وان كان ليس هناك بدّ منإطلاق اسم ملك علي هذه الحضارة العريقة ، فمن المنصف قليلا كان يجب علي ذلك ( الأخر ) آن يكرمها بان يطلق عليها اسم الحضارة ( المينيه ) نسبة لموحدالقطرين الملك – مينا – أو الحضارة ( الاحمسيه ) نسبة للملك الشجاع ( أحمس ) المحرر ، الذي طهّر ارض مصر من الرعاة الهكسوس ، ودمرهم في عقر دارهمتدميرا ، فربما حينها قد نتقبل الآمر .
ولكن أمام هذا الإصرار بتسميتها بالفرعونية ، تحتم علينا نقف ونتسأل ، لما تعمد من سبقنا بالتنقيب والكتابة للتاريخ إطلاق هذه التسمية التي تعني اسم ملك طاغية ،وسحبها علي حضارة كانت هي الأولى فوق الأرض ؟ ناهيك علي إن الأبحاث والدراسات الأخيرة أشارت بقوة بان ( فرعون ) لم يكن مصريا ، وليس ضمن التسمياتالمصرية ، إذا ليس هناك من محيص سوى إن الأمر وقع عن قصد وتعمد ، للصق اسم هذا الجبار العاصي والملعون في كتب السماء ، علي حضارة عرف عنها إنها هي الجذر الأول للمثل العليا ، وللمعرفة والفنون ، والهندسة والفلك ، وعلم ما وراء المادة الغامض ، ونظام الدولة السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعسكري ، والقوانينالعادلة ، والعقيدة ، والتعاليم السامية التي مازالت صامدة فوق الحجر حتى يوم الناس هذا ، وحسبنا متون الأهرام ، وقانون ( ماعت ) ، ومتون التوابيت ، ووصايا الملوك لمن يخلفهم وغيرها.
تسمية حضارة مصر بالفرعونية
ونضيف انه لم يثبت تاريخيا وبشكل قاطع في تاريخ حضارة وادي النيل ، على آن أي من ملوكها عرف عنه الطغوة و البطش ، أو المناداة بأنهم ألهه وفرضوا علي الناس عبادتهم ، بل ما كان هو العكس ، فقد كان أولئك الملوك يمشون علي أرضهم هونا وشبه حفاة تكريما لها وطلبا لخيرها، رغم إنهم يمتلكون الأحذية الذهبية، وخلفهم حملة الصنادل والأباريق ، وكانوا يقدسون نيلها وأقاموا له الأعياد، وحرموا تلويثه ، وكانوا يرسون أسس العدل والمساواة ورعاية اليتيم والأرملة والعامل وحق المرأة ، وحق كل ضعيف ، وكانت وصاياهم لمن يخلفهم في غاية التقوى والورع واللطف والرفق بالرعية عامة ، وصون الحقوق وبأدق التفاصيل ، وسنت لذلك القوانين الصارمة والعادلة ،بل ما نلمسه فيما تركوا في تلك الوصايا من الرقة والعدل ومنتهى الإحساس الإنساني الخلاٌّق وشرف الدفاع عن الوطن ، ما يجعلنا نتمنى آن يكون كل حاكم اليوم في مثل دماثة وعدل أولئك الملوك الأتقياء الانقياء ( صادقي الصوت ) كما وصفوا أنفسهم وتعني ( عليهم الرحمة ) .
وبالعودة لصلب الوقفة ، نجد أنفسنا نطرح سؤالنا ، هل كان الهدف من تسمية حضارة الوادي (بالفرعونية) من اجل تشويهها وإنقاصها، وتشويش الذاكرة التاريخية حولها ، حين اكتشف ذلك ( الأخر) واتضح له إنها ارتقت وستظل الى الأبد فوق كل الحضارات التي تلتها ، والتي نقلت عنها محاولة استنساخها بكل الطرق المشروعة والغير مشروعه ولكنها فشلت.؟ فأن كان الأمر كذلك فمن كان خلفه ولماذا ؟
لذا أرى إن كنت صائبا، بأنه يجب علينا آن لا نكرر هذه التسمية القميئة ، ونحذفها من المناهج والذهن والذاكرة أيضا … وأسأل الله آن يهدينا سبل الصواب … وحتى نلتقي في وقفة أخرى دمتم بسلام .
تسمية حضارة مصر بالفرعونية