وكأن أبي مر من هنا .. حكايات لا استطيع نسيانها مع أغلى الناس 

 

كتبت: زينب النجار 

وكأن أبي مر من هنا .. هناك أُناس يرحلون بأجسادهم، لكن أرواحهم تظل حاضرة في كل زاوية من المكان، تترك بصمة لا تُمحى، وكأن خطواتهم ما زالت تهمس على الأرض.
أبي كان واحدًا من هؤلاء؛ لم يكن مجرد أب لنا، بل كان أبًا لكل من عرفه، سندًا وملجأً وحضنًا دافئًا.

أبي كان قلبًا مليئًا بالخير، يفيض حبًا على القريب والبعيد. لم يعرف يومًا طريق القسوة، بل كان وجهه البشوش كافيًا ليُطفئ حزنًا، وصوته الحنون كافيًا ليزرع الطمأنينة. كان يفرح لفرح الناس كأنه فرحه، ويحزن لأحزانهم كأنها همه، يعطي دون انتظار، ويقف بجانب كل محتاج كأنه وُجد من أجله.

 

أبي أغنى من المال والجاه

لم يكن أبي صاحب جاه أو سلطة، لكن كان غنيًا بما هو أسمى: غنيًّا بحب الناس. والناس لا تحب إلا من أحبهم بصدق. لذلك بقي أثره في قلوبهم، وبعد كل هذه السنين ما زالوا يذكرونه ويدعون له كأنه بينهم. هذا هو الكنز الذي تركه: محبة الناس، وذكرى عطرة تفوح كلما ذُكر اسمه.

اليوم، حين نتذكره، نشعر أن كل ركن في بيتنا، وكل شارع خطا فيه، وكل قلب عرفه، يشهد أنه كان إنسانًا مختلفًا… إنسانًا جعل الحياة أخف وطأة بحنانه وخيره.

وكأن أبي مر من هنا

مرّ بالحب فغرسه، مرّ بالخير فنثره، مرّ بالقلوب فملكها، ورحل جسده لكن بقي نوره.

عندما تكون السيرة أغلى من العمر، لا يعود الموت نهاية، بل بداية لحياة أخرى في قلوب الناس وذاكرتهم. وحينها يصبح الإنسان خالدًا بما ترك، لا بما عاش.

رحمك الله يا أبي رحمة واسعة، وجعل أثرك شاهدًا لك، وحب الناس لك صدقة جارية لا تنقطع أبدًا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.