وفاء عبد السلام تكتب : فتاة علوم الزقازيق عالقة بين شراسة الميديا والتريند
وفاء عبد السلام تكتب : فتاة علوم الزقازيق عالقة بين شراسة الميديا والتريند
لقد تحوّلت قضية فتاة كلية علوم جامعة الزقازيق من فتاة عادية من مدينة الزقازيق إلى قضية رأي عام ليس لأنها ارتكبت جرمًا بل لأن موجة من المنشورات والتعليقات والسخرية حولتها إلى تريند تتداوله مواقع التواصل بلا هوادة.
تلك الحادثة التي قد تكون عادية في جوهرها كشفت هشاشة مجتمع رقمي لا يرحم ويتغذى على الفضائح ويينموا على النميمة ولا يخشى من انتهاك الخصوصيات.
وسائل التواصل.. قاضٍ وجلاد دون تفويض
لقد أسهمت السوشيال ميديا التي كان من المفترض أن تكون وسيلة للتواصل وتبادل المعرفة لقد نصّبت نفسها قاضيًا وجلادًا فمن دون تحقيق أو تأكد من صحة المعلومات أطلق البعض الأحكام وخلق آخرون قصصًا موازية مستغلين غياب الرقابة وتعطش الجمهور للإثارة ثم انقسم المتابعون بين متعاطف وساخر دون تردد لكن كلا من الطرفين ساهم أيضا بقصد أو دون قصد في اغتيال خصوصية فتاة لم تكن تتوقع أن تتحول حياتها إلى مادة يتداولها بعض السفهاء.
التريندات السامة.. أزمة مجتمع وليست حادثة فردية
ان يا سادة ما حدث لا يتعلق بفتاة الزقازيق وحدها بل يعكس أزمة أوسع تتعلق بثقافة التعامل مع الفضائح الرقمية أصبحنا نلهث وراء كل ما هو مثير وصادم وخلق شئ من الفوضى ونشارك بلا تحقق نضحك بلا إحساس وننسى أن خلف الشاشات بشر ويمكن ايضا أن تنهار حياتهم بكلمة أو صورة أو شائعة. هذه الظاهرة باتت تفضح هشاشة أخلاقية خطيرة ومجتمعًا يفتقد للوعي الرقمي والمسؤولية.
دعوة إلى الوعي والمحاسبة
ما نحتاجه اليوم ليس مجرد تعاطف وقتي بل وعي دائم ومحاسبة جادة لهذة الخلابا التى تثير الجدل يجب علينا نشر الوعي ويجب ان نحترم خصوصية الأفراد ونرفض تسليع الألم وتحويله إلى مادة ترفيهية للجدل ويجب محاسبة قانونية لكل من يروّج للإشاعات أو ينشر محتوى ينتهك الحقوق الشخصية مهما كان حجم المنصة أو عدد المتابعين.
نحن جميعًا مستهدفون
ان قضية فتاة الزقازيق ليست استثناءً بل ناقوس خطر يهدد الجميع كل فرد معرض لأن يكون ضحية لاحقة لحملات التنمر أو التشهير بسبب تصرفات صفحات وهمية تدّعي المعرفة والعدل بينما تروج للباطل وتنشر الفوضى ومن هنا يجب علينا جميعا نقف ونتصدى ونقول نحن في دولة قانون ومن واجبنا انتظار كلمة القضاء لا أن نتصدر منصات الاتهام ونمارس جلد الآخرين بغير وجه حق.
فلنستيقظ قبل أن نصبح جميعًا ضحايا السوشيال ميديا ولنستعد إنسانيتنا قبل أن نفقدها في زحام “اللايك” و”التريند”.