وداعًا لطفي لبيب.. رحل الفنان الوطني واحتفظت «اليوم الدولي» بآخر كلماته

كتب: هاني سليم

ودّعت مصر اليوم الفنان القدير لطفي لبيب، الذي رحل عن عالمنا عن عمر ناهز 76 عامًا، بعد صراع طويل ومرير مع المرض، تاركًا خلفه سيرة فنية وإنسانية ووطنية لن تُنسى، وصوتًا ظلّ يعبّر عن ملامح المصري الأصيل في كل ظهور له على الشاشة، وفي كل موقف صادق اختار أن ينحاز فيه للوطن والحق.

ورغم الحزن العميق الذي خيّم على الوسط الفني والجمهور المصري، إلا أن الذاكرة لا تزال تحتفظ بلحظات من النبل والكرامة ارتبطت باسم لطفي لبيب، أحد أبناء مصر البررة، ممن جمعوا بين الإبداع الفني والخدمة العسكرية المشرفة، فهو أحد جنود القوات المسلحة الذين عبروا قناة السويس عام 1973، وشاركوا في ملحمة نصر أكتوبر المجيد، قبل أن يعتلي خشبات المسرح ويبدع في أدوار شكلت وجدان أجيال كاملة.

تكريم لا يُنسى في “اليوم الدولي”

من اللحظات التي لا تُمحى من ذاكرة أسرة “اليوم الدولي” وكافة من حضروا “ملتقى اليوم الدولي – الدورة الثانية”، الذي أُقيم في أكتوبر 2020، كان حضور الفنان الراحل رغم بدايات معاناته مع المرض، والذي أصرّ – بكل شرف وإصرار – على المشاركة في الحفل الوطني الذي احتفل بمرور خمسة أعوام على صدور العدد الأول من الصحيفة.

لم يكن حضوره رمزيًا، بل جاء ممتلئًا بمشاعر الوطنية والانتماء، حيث صعد إلى منصة التكريم ووجه كلمة مؤثرة أبكت الجميع، تحدث فيها عن حبه لمصر، وامتنانه لتقدير الناس، واعتزازه بخدمته العسكرية التي يعتبرها تاجًا على رأسه قبل أي شهرة أو نجومية.

قال في كلمته:
“أنا مش مجرد ممثل.. أنا واحد من ولاد مصر اللي حملوا السلاح ودافعوا عنها وقت الحرب، والنهاردة بشيل التكريم ده زي وسام على صدري، وربنا يديم علينا نعمة الوطن.”

لقد كان هذا التكريم هو الأخير في حياته، إذ دخل بعده في دوامة المرض الشاق الذي أبعده عن الأضواء، لكنه لم يُبعده عن قلوب الناس.

صوت الوطن وصورة المصري

لطالما جسّد لطفي لبيب صورة المواطن المصري البسيط، الحكيم، الحنون، في عشرات الأدوار التي قدمها على مدار مسيرته الفنية، من السينما إلى المسرح، ومن الدراما التلفزيونية إلى الأعمال الكوميدية. لكنه لم يكن فنانًا فقط، بل كان صاحب موقف، وطني النزعة، نظيف الكلمة، مؤمنًا برسالة الفن الحقيقية، ومدافعًا عن القيم الإنسانية في كل ظهور.

لم يسعَ يومًا للبطولة المطلقة، لكنه حفر اسمه في قلوب الجميع، بما قدمه من صدق وأداء متقن، جعله واحدًا من أبرز الفنانين الذين تركوا أثرًا حقيقيًا في الساحة الفنية.

لحظة وداع.. وذكرى تبقى

رحل لطفي لبيب جسدًا، لكنه سيبقى حاضرًا في الذاكرة المصرية، وفي أرشيف الفن النظيف، وفي قلوب من عرفوه وعاصروه، وفي أرشيف صحيفة “اليوم الدولي”، التي كانت شاهدة على لحظته الأخيرة في محافل التكريم، حيث وقف مرفوع الرأس، وقال كلمته بكل حب لمصر.

وها نحن اليوم، نقف على أعتاب الفقد، نودع فنانًا وجنديًا وإنسانًا، لم يبدل موقفه، ولم يُساوم على حبه لهذا الوطن.

رحم الله الفنان الوطني لطفي لبيب، وأسكنه فسيح جناته. وستظل كلماته ووقفته في “ملتقى اليوم الدولي” علامة مضيئة في تاريخ من الشرف والوفاء.

المزيد: الأمن السيبراني في متناول الشباب: تفاصيل البرنامج المجاني لطلاب الجامعات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.