هل تستفيد مصر من الحرب التجارية التى أشعل ترامب فتيلها ؟
هل تستفيد مصر من الحرب التجارية التى أشعل ترامب فتيلها ؟
هل تستفيد مصر من الحرب التجارية التى أشعل ترامب فتيلها ؟
إن إجراء ترامب بفرض الرسوم الجمركية لم يكن إعتباطاً أو بلا دراسة بل هو فى المقام الأول لصالح أمريكا فقد استندت سياسته إلى شعار “أمريكا أولاً ” و هدفت هذه السياسة إلى تقليل العجز التجاري و حماية الصناعة المحلية وزيادة الإيرادات إضافة إلى الضغط على الشركاء التجاريين و عودة المشروعات والمصانع إلى أمريكا مرة أخرى حتى لا يتم تطبيق الرسوم الجمركية عليها . ورغم أهدافها الوطنية إلا أنها أدت إلى إرتفاع الأسعار و حروب تجارية واضطرابات في سلاسل التوريد ما جعل تأثيرها يمتد إلى الاقتصاد العالمي
بقلم : عزة الفشني
تأثير الرسوم الجمركية على الدول العربية
أما وقعه على الدول العربية ذو تأثير ضعيف لأنها لا تصدر شيئاً يذكر للولايات المتحدة الأمريكية حتى يمكن اعتبار هذا الإجراء مضراً بها و بشعوبها
لكن المتضرر الرئيسي من هذا الإجراء هي الدول المصنعة كدول أوروبا الأكثر تصنيعاً و الصين و اليابان و كوريا..
إن وقت ترامب يذكرني بزمن نيكسون عندما أخذ ذهب الدول الأوروبية وغير الأوروبية وأعطاهم دولارات وعاد ليقول لهم لا ذهب لكم عندنا…وهكذا رفع المستوى الإقتصادي لأمريكا وتخلص من العجز المالي…اليوم ترامب لايستطيع لعب نفس اللعبة لأنها مكشوفة فلجأ للعبة الضرائب لتغطية عجز ميزانية أمريكا وأول المتضرر مرة ثانية هي الدول الأوروبية كأيام نيكسون أما ترامب فيعلم جيداً أيام عملة الدولار باتت قريبة من نهايتها ليحل الذهب محلها كعملة عالمية
هل سيتحمل الأمريكان الضغوط الإقتصادية
و السؤال الآن هل سيتحمل الأمريكان الضغوط الإقتصادية الحادة حتى يتم رجوع المصانع من الخارج إلى الداخل الامريكى؟ أعتقد لا بدليل المظاهرات التي خرجت فى معظم الولايات الأمريكية تندد بقرارات ترامب الإقتصادية
المشكلة أن الصين لها مصالح تجارية استراتيجية كبيرة ستتضر بشدة وكذلك الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية.. ومن المؤكد أن المصلحة ستخلق أحلاف اقتصادية وتجارية لمواجهة التحديات الأمريكية.. مما يعني أن الإتحاد الأوروبي ستجبره المصلحة على توسيع التجارة مع الصين وربما تصل إلى حد الشراكات الاستراتيجية الكبيرة وهو ما ينذر بتحولات إقتصادية حادة سيتأثر بها العالم كله وخاصة الدول الصناعية الكبرى … أما الدول النامية فقد تستفيد من هذه التحولات إذا استطاعت إلتقاط ما يناسبها من استثمارات قد تطرح في السوق التجاري الجديد والذي ستحكمه قانون المصلحة فقط
هل مصر لديها فرص حقيقية من فرض الرسوم الجمركية
أما بالنسبة لمصر… الفرصة وضحت منذ حادثة السفينة افرجيفين…. مصر قلب العالم جغرافياً ونهضتها الإقتصادية الكبرى مسألة وقت.
ببساطة من الممكن للدول التى نالت تعريفة جمركية مخفضة وعلى رأسهم مصر أن تستفيد بأن تدعو المستثمرين من أوربا لإقامة صناعات يتم تصديرها إلى الأسواق الأمريكية بالإضافة إلى أن مصر يمكنها الإستفادة بقدر كبير من صناعة الملابس فمصر تصدر مليار ونصف دولار تقريباً من الملابس إلى السوق الأمريكية ومع رخص العمالة المصرية وتوافر البنية التحتية والأراضي يمكن التوسع بجذب الإستثمارات الأوربية لصناعة الملابس العالمية ويتم التصدير إلى أمريكا فى ظل التعريفة الجمركية المنخفضة لمصر المقدرة ب10% بينما هى 20% لأوربا مع إرتفاع تكاليف الإنتاج فى اوربا عن الإنتاج فى مصر كما يمكن أيضاً تشغيل على الأقل 250 الف عامل وعاملة فى وقت قياسى بشرط توفير عوامل جذب للمستثمرين الأوروبيين وغيرهم
وهناك دولاً بالفعل فككت عدداً كبيراً من مصانعها ونقلته إلى مصر للإستفادة من هذه الميزات حتى قبل قرارات ترامب الأخيرة منها تركيا وكوريا الجنوبية واليابان
إعادة تشكيل موازين التجارة العالمية بعد قرارات ترامب
يمكننا القول أن مصر لن تتاثر كثيراً لأن الميزان التجاري لصالح أمريكا حيث تستورد منها ما يعادل ٦ مليار دولار وتصدر بما يعادل واحد ونصف مليار دولار وأكثر صناعة متأثرة هى صناع الملابس وما يتبعها من صناعات مكملة من النسيج حيث تمثل أكثر من ٥٠٪ من الصادرات المصرية لأمريكا والرسوم المفروضة تعد بسيطة واعتقد ان تحرك الحكومة يجب ان يكون بمساعدة المصدرين من خلال تعويض تلك الرسوم بتخفيض أي رسوم أو ضرائب مفروضة على تصدير الملابس والمنسوجات عموماً حتى تستطيع منافسة المنتجات الهندية والصينية بالأساس .
لقد أعادت القرارات الإقتصادية الأمريكية في عهد ترامب تشكيل موازين التجارة الدولية مما فتح فرصاً لدول أخرى ومنها مصر للإستفادة من التحولات الإقتصادية .
فمصر تمتلك بالفعل مقومات جذب الإستثمارات لكن الأمر يتطلب سرعة في التنفيذ ومرونة في التفاوض مع الشركات العالمية خاصة تلك التي تبحث عن بيئة إستثمارية مستقرة وتسهيلات محفزة و تطوير السياسات الضريبية و تبسيط الإجراءات البيروقراطية وتعزيز البيئة القانونية للإستثمار كل هذه الأمور ستكون عوامل حاسمة في استغلال هذه الفرصة فبينما يواجه العالم تغييرات إقتصادية كبرى هناك دائماً فرص لمن يستعد جيداً ويستغل الظروف بذكاء فرب ضرةٌ نافعة.
هوية مصر الإقتصادية
ولذلك من الضروري لمصر تحديد هوية إقتصادية واضحة ثم وضع قوانين تخدم هذه الهوية من خلال ثورة تشريعية وإدارية تزيل غابة القوانين الموجودة فى مصر والتى يشتكى منها الجميع بلا إستثناء ثم وضع أولويات للمشروعات المطلوبة وتشجيع القطاع الخاص المصرى على الدخول فيها عبر إمتيازات وتخفيضات ضريبية فمصر بحاجة لفكر جديد وسياسة جديدة واضحة وتدمير الروتين والبيروقراطية والإسترشاد بتجارب الدول الناجحة فى هذا المجال وما أكثرها بدلاً من الافتكاسات التى نراها حالياً
إلى جانب مشكلة التصنيع في المواد الخام الأساسية و التى نستوردها جميعها من الخارج علاوة على المعدات والآلات
وزير الصناعة أمام تحدى حقيقى وصعب
فى إعتقادى أن وزير الصناعة أمام إختبار وتحدى صعب للغاية لأن الفرصة لن تتكرر….. وكذلك القطاع الخاص والذى يتهم الدولة دائماً …. جاءتهم فرصة على طبق من ذهب ….. شراكات مع شركات كبرى ومنتجات كثيرة أصبح لنا فيها ميزة نسبية المهم إزالة البيروقراطية من طريق الإستثمار كما ذكرنا سالفاً والقضاء على مبدأ التنفيع من المستثمرين وإطلاق حزم من الحوافز الإقتصادية الحقيقية للمستثمرين… و جذب الإستثمار الصناعي دون إثقاله بالضرائب والرسوم
ضرورة تكاتف الدول الكبرى ضد قرارات ترامب
فى النهاية أتمنى ان يتحد العالم ضد قرارات ترامب الإقتصادية وتكوين جبهة موحدة من الدول الكبرى لكى تعادل أمريكا فى القرارات الإقتصادية وخلق توازن على الساحة الدولية على أن تكون مصر هى قبلتهم التجارية القادمة