مولد الثانويه..وتطوير التعليم….

مولد الثانويه..وتطوير التعليم….

بقلم/

إيمان سامى عباس

انتهى مولد الثانوية العامة .. وتنفست أكثر من ٧٥٠ ألف أسرة الصعداء .. وفرح الناجحون ورفــع كـل واحــد منهم يـده وغنى فهذا يوم عيده .. وبدأ يستعد لكتابة الرغبات وإرسالها لمكتب التنسيق بعد أن يختار الكلية التى تتناسب مع مجموعه حتى وإن كانت غير التى يحلم بها منذ طفولته .. فدرجاته هى التى تحدد مستقبله .. وهناك من يتأهبون للدور الثانى ومنهم من لم يحالفه الحظ هذا العام وتأجلت أحلامه فى انتظار أن يعيد المحاولة

السنة القادمة !! .

يتكرر هذا السيناريو كل عام حيث ظل امتحان الثانوية العامة منذ أكثر من قرن هو النظام المثالى الذى ارتضاه المجتمع لتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص بين الطلاب للالتحاق بالجامعة واستكمال دراستهم العليا فى الكليات التى يتم توزيعهم عليها وفقاً لمجموع الدرجات التى يحصلون عليها فى هذا الامتحان الموحد على مستوى القطر المصري .. ولكن مع تقدم الزمن وتغير الظروف وفى ظل التطور ودخول عصر المعرفة وتكنولوجيا المعلومات وفـى عالم السماوات المفتوحة بلا حــدود .. فـإن السؤال المطروح : هل مـازال هذا الامتحان رغم ما حدث له من تطوير خلال السنوات الأخيرة هو النظام المثالي ؟! .

لا يمكن إنكار وجود محاولات لتطوير التعليم بصفة عامة وامتحان الثانوية بصفة خاصة بالاعتماد على التكنولوجيا والكمبيوتر و«التابلت» و«البابل شيت» وتقسيم الدرجات على عدة امتحانات .. ولكن مع كل ذلك فمازال التطوير شكلياً ولم يقترب من الجوهر و يحتاج جهداً كبيراً فى الشكل والمضمون فلا يمكن أن تظل امتحانات تستمر عدة أيام فى مناهج تحتاج تنقية وتغييراً شاملاً هى التى تكشف عن المستوى الحقيقى لأى طالب وتحدد مستقبله دون مراعاة لمدى استيعابه وفهمه بل ودون النظر لقدراته وطموحه أو لحالته النفسية والبدنية خلال أيام الامتحانات وما قد يتعرض لـه مـن ظــروف طـارئـة تؤثر بالتأكيد على إجابته !! .

السؤال الذى يتجدد منذ سنوات داخل كل أسرة : متى ينتهى شبح الثانوية العامة .. ونتخلص من عبء الدروس الخصوصية التى ترهق كاهلنا.. ويـكـون هناك نظام تعليم يسمح لأبنائنا باختيار المواد التى يحبونها وتتفق مع قدراتهم وميولهم ويــريــدون دراسـتـهـا لتؤهلهم إلى الكليات التى يختارونها.. وليست التى يجبرهم مجموعهم فى الثانوية على الالتحاق بها ؟! .

يستحق المصريون نظاماً تعليمياً مختلفاً.. يساهم فى تكوين شخصيات مسلحة بالعلم والأخلاق والثقافة .. واثقة من نفسها لا يمكن خداعهم أو التأثير عليهم بسهولة ويساهمون بفاعلية وحب فى بناء الوطن !! .

نظام التعليم الجديد الـذى نتمناه للأجيال القادمة يقوم على البحث والتفكير والمناقشة والحوار وتبادل الآراء .. ولا يغفل المواهب التى يتمتع بها كل طالب واختلافه عن الآخـر.. ويتيح له إثبات شخصيته وقدراته وممارسة هـوايـاتـه .. والأهــم حرية اختيار ما يدرسه لمساعدته على التفوق فى المجال الذى يحبه .. ولابد أيضاً مراعاة أن يكون الخريج متوافقاً مع سـوق العمل للتخلص من البطالة ويجد كل واحـد عملاً فور إنهاء دراسته فى المجال الـذى يجيده ويحبه فيساهم بحق فى بناء الوطن ولا يكون عاله على المجتمع أو يتحولبعد تخرجه إلى رقم جديد يُضاف إلى أنصاف المتعلمين الذين يزداد عددهم كل يوم على المقاهى و ” الكافيهات ” لينضموا إلى الشباب العاطلين !! .

يؤمن الدكتور رضا حجازى وزير التعليم بضرورة تطوير نظام امتحانات الثانوية .. بل إنه قال على هامش إعـلان نتيجة الدبلومات الفنية الشهر المـاضـى « إن النظام الحالى للثانوية العامة مرعب للطلاب » وبالتأكيد هو يدرى أيضاً أنه مرعب لأولياء الأمور لانه ظل يشغل منصب رئيس قطاع التعليم لمـدة ٤ سنوات مـن ٢٠١٥ وحتى ٢٠١٩ وعـاصـر عـدة وزراء سابقين منهم الـدكـاتـرة محمود أبوالنصر والهلالى الشربينى وطارق شوقي ، وكان على دراية بكل محاولات التطوير التى للأسف لم تؤت بثمارها حتى الآن .. لأن المسألة ليست تطوير نظام امتحانات الثانوية فقط ولكنها تتعلق بتطوير نظام التعليم بأكمله من حيث الـرؤيـة والاستراتيجية وإحـــداث تغييرات شاملة فى مثلث العملية التعليمية « المدرسة والمـــدرس والتلميذ » على أن يكون التغيير جذرياً وليس شكلياً أو صورياً وذلك بداية من المبانى المدرسية والمناهج .. إلى اختيار المعلمين وتحسين مستواهم العلمى والمعيشى فلابد من إعـادة الاحترام للمعلم وتعديل الرواتب ليكون المدرسون من أعلى الفئات أجـوراً فى المجتمع .. وإرسال بعثات للخارج وتنظيم دورات باستمرار لهم لضمان كفاءتهم فلا يوجد أهم ممن يشكلون عقول الأجيال .. أما الطالب فكما له حقوق والكل يعمل من أجله فعليه واجبات أهمها ان يذاكر دروســه و يحرص على علاقته بالأستاذ وأن يستفيد منه أفضل استفادة ويحاوره ويناقشه بأدب ويفعل كما قـال أمير الشعراء أحمد شوقى « قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا » !! .

يشهد الحوار الوطنى مناقشات عديدة فى هذا المجال .. وعلى خبراء التعليم أن يجلسوا ويـحـددوا أفضل الطرق للتطوير وخطوات تغيير عناصر العملية التعليمية واختيار النموذج الملائم لطبيعة المصريين .. فهناك مثلاً مدارس مفتوحة بلا أبواب كما فى اليابان وهناك التعليم عن ُبعد عبر الإنترنت وتوجد المـدارس التقليدية التى تربينا عليها .. ويمكن لعلاج التسرب من التعليم الذهاب إلى التلاميذ فى أمـاكـن تواجدهم فـى الحقول وفـى المصانع وعمل مدارس الفصل الواحد .. المهم الاستقرار على ما يتفق مع الشخصية ومع البيئة سواء أكانت ريفية أو صحراوية .. بدوية أو ساحلية .. مع ضـرورة إعطاء فرصة لتطبيق السياسة الجديدة لعدة سنوات ثم تقييم التجربة بعدها بدلاً من التغيير كل عام أو عامين كما كان يحدث فى الأربعين سنة الماضية مثل إلغاء الصف الـسـادس ثـم إعـادتـه وعمل امتحان الثانوية مـن عــام ثـم عـامـين وإقـــرار نظام التحسين ثم العدول عنه والتفكير فى العودة إليه مما يسبب بلبلة للطالب وأسرتة وكذلك للمعلمين والمعلمات .. لذلك لابد من الدراسة المتأنية والاستماع لكافة الآراء ثم بلورة نموذج تعليم مصرى خالص يستمر لمدة عقد أو عقدين على الأقل لضمان نجاحه !! .

الاهتمام بالتعليم والبحث العلمى أول خطوة فى بناء أى دولة .. و البداية تكون من الحضانة .. ولكن قبل ذلك علينا ان نمحو ” العار ” الذى يلاحقنا والمتمثل فى انتشار الأمية .. فلا يمكن لمصر التى علمت البشرية من فجر التاريخ أن تظل نسبة الأمية بها تزيد على ٢٥٪ أى أن ربع الشعب لا يقرأ ولا يكتب !! .

تعلمنا من تجارب الدول ومن كتب التاريخ انه اذا أرادت أمة تحقيق التقدم والازدهار وان يتمتع شعبها بالديقراطية فلابد من القضاء على الجهل والفقر والمرض .. ولذلك علينا وضع سياسة خادة وخارطة طريق للتخلص من الأمية خلال ٥ أو ١٠ على الأكثر واعلان مصر خالية من الجهل تماماً كما تم خلوها من فيروس ” سى ” .. وأعتقد ان الدكتور رضا حجازى لديه خطهلانهاء الأمية منذ ان كان نائب رئيس الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار ولم تسعفه الامكانيات وقتها لتحقيق خطته ولكنه الآن هو الوزير المختص فماذا سيفعل لمحو أمية ربع سكان البلد !! .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.