من‭ ‬فضلك‭ .. ‬أبطئ‭ ‬بسرعة

من‭ ‬فضلك‭ .. ‬أبطئ‭ ‬بسرعة

بقلم/إيمان سامى عباس 

 

كل‭ ‬شئ‭ ‬فى‭ ‬حياتنا‭ ‬بات‭ ‬يحدث‭ ‬بسرعة‭ ‬مذهلة‭ ! ‬الحب‭ ‬والكراهية‭ ‬،‭ ‬الإيمان‭ ‬والكفر‭ ‬،‭ ‬الشك‭ ‬واليقين‭ ‬،‭ ‬النجاح‭ ‬والفشل،‭ ‬حتى‭ ‬الموت‭ ‬والحياة‭ ‬

 ‬اختفت‭ ‬لحظات‭ ‬التأمل‭ ‬من‭ ‬حياتنا‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬لدينا‭ ‬وقت‭ ‬لنحيا‭ ‬أو‭ ‬نستمتع‭ ‬بالحياة‭ ‬،‭ ‬ما‭ ‬هذا‭ ‬الذى‭ ‬يدور‭ ‬حولنا‭ ‬ومعنا‭ ‬وبنا؟‭ ‬كيف‭ ‬يتفلت‭ ‬العمر‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أيادينا‭ ‬بهذه‭ ‬السرعة؟‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬ننتبه‭ ‬أننا‭ ‬غير‭ ‬منتبهين؟‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬ندرى‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬ندري؟‭ ‬إنه‭ ‬عصر‭ ‬الفيمتو‭ ‬ثانية‭ ‬والتطورات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬المذهلة‭ ‬التى‭ ‬يعيش‭ ‬فيها‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬أطراف‭ ‬أصابعه‭ ‬،‭ ‬فالأذن‭ ‬مترقبة‭ ‬رنات‭ ‬متنوعة‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬هواتفنا‭ ‬تخطرنا‭ ‬بمكالمة‭ ‬أو‭ ‬رسالة‭ ‬أو‭ ‬خبر‭ ‬أو‭ ‬تعليق‭ ‬،‭ ‬أذهاننا‭ ‬مشغولة‭ ‬طول‭ ‬الوقت‭ ‬بما‭ ‬نفعله‭ ‬الآن‭ ‬وما‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬فعله‭ ‬بعد‭ ‬قليل‭ ‬،‭ ‬نتحدث‭ ‬بسرعة‭ ‬مذهلة‭ ‬حتى‭ ‬ننهى‭ ‬المكالمات‭ ‬ثم‭ ‬نغلق‭ ‬الهاتف‭ ‬ونواصل‭ ‬متابعة‭ ‬صفحات‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬،‭ ‬نأكل‭ ‬بسرعة‭ ‬ونمشى‭ ‬بسرعة‭ ‬ونتحدث‭ ‬بسرعة‭ ‬ونقرأ‭ ‬بسرعة‭ ‬ونعمل‭ ‬بسرعة‭ ‬ونستمتع‭ ‬بسرعة‭ ‬ونحب‭ ‬بسرعة‭ ‬ونكره‭ ‬بسرعة‭ ‬ونمرض‭ ‬بسرعة‭ ‬ونموت‭ ‬أيضا‭ ‬بسرعة‭! ‬لذلك‭ ‬كنت‭ ‬سعيدا‭ ‬وانا‭ ‬أقرأ‭ ‬كتاب‭ ‬افى‭ ‬مديح‭ ‬البطءب‭ ‬للكاتب‭ ‬الكندى‭ ‬كارل‭ ‬أونوريه‭ ‬الذى‭ ‬وضع‭ ‬يده‭ ‬على‭ ‬الكارثة‭ ‬التى‭ ‬يعيشها‭ ‬الجميع‭ ‬وهى‭ ‬السرعة‭ ‬التى‭ ‬جعلت‭ ‬حياتنا‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الاستمتاع‭ ‬واللذة‭ ‬وسلبتنا‭ ‬قيمة‭ ‬التأمل‭ ‬الذاتى‭ ‬وتحولنا‭ ‬جميعا‭ ‬الى‭ ‬عصر‭ ‬عبودية‭ ‬السرعة‭ ‬،‭ ‬لذلك‭ ‬طالب‭ ‬الكاتب‭ ‬بضرورة‭ ‬منح‭ ‬االبطءب‭ ‬حقه‭ ‬فى‭ ‬الوجود‭ ‬ومنحه‭ ‬مساحة‭ ‬من‭ ‬حياتنا‭ ‬ليستطيع‭ ‬أن‭ ‬يجابه‭ ‬طغيان‭ ‬السرعة‭ ‬ويهدم‭ ‬أصنام‭ ‬القلق‭ ‬والترقب‭ ‬التى‭ ‬تم‭ ‬بناؤهما‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬السرعة‭ ‬،‭ ‬وخرجت‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬بحزمة‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬التى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تطبيقها‭ ‬دون‭ ‬إبطاء‭! ‬لنمارس‭ ‬حياتنا‭ ‬ونستمتع‭ ‬بها‭ ‬فنأكل‭ ‬ببطء‭ ‬ونتكلم‭ ‬ببطء‭ ‬ونتأمل‭ ‬ببطء‭ ‬ونكتب‭ ‬ببطء‭ ‬ونسمع‭ ‬ببطء‭ ‬ونتعامل‭ ‬مع‭ ‬الناس‭ ‬بروية‭ ‬ودون‭ ‬سرعة‭ ‬فى‭ ‬إصدار‭ ‬أحكامنا‭ ‬عليهم‭ ‬وعدم‭ ‬التسرع‭ ‬فى‭ ‬تكوين‭ ‬دوائر‭ ‬جديدة‭ ‬بأعباء‭ ‬جديدة‭ ‬وسرعة‭ ‬متزايدة‭ ‬،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬نشعر‭ ‬أننا‭ ‬أحياء‭ ‬ونتخلص‭ ‬من‭ ‬عبادة‭ ‬السرعة‭ ‬،‭ ‬فمنذ‭ ‬لحظة‭ ‬الاستيقاظ‭ ‬من‭ ‬فراشك‭ ‬صباحا‭ ‬وانت‭ ‬منهك‭ .. ‬نتيجة‭ ‬الأرق‭ ‬والتفكير‭ ‬والكوابيس‭ ‬والأحلام‭ ‬المزعجة‭ ‬أثناء‭ ‬نومك‭ ‬وحتى‭ ‬لحظة‭ ‬العودة‭ ‬اليه‭ ‬مجددا‭ ‬جراء‭ ‬الصخب‭ ‬والعمل‭ ‬والسرعة‭ ‬طوال‭ ‬اليوم‭ ‬،‭ ‬لذلك‭ ‬فالبطء‭ ‬فن‭ ‬علينا‭ ‬مدحه‭ ‬حتى‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نعيش‭.‬

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.