مدارس المشاغبين .. فوضى وبلطجة ومرتعًا لكافة السلوكيات السيئة
مدارس المشاغبين .. كانت بالأمس القريب مدرسة واحدة نتحدث عنها ونندهش مما يحدث فيها ولطالما طالبنا بالتدخل السريع للعلاج قبل إنتشارها وبث سموموها في كافة المدارس الأخرى ولم يستمع أحد.
بقلم / خالد فؤاد ” رئيس التحرير”
في السنوات الأخيرة، شهدت المدارس في مصر، خاصة في مرحلتي الثانوية والإعدادية، تغيرات جذرية على مستوى سلوكيات الطلاب.
لم تعد ظاهرة “مدرسة المشاغبين” محصورة في عمل مسرحى او سينمائي كوميدي ، بل أصبحت واقعًا تعيشه المدارس يوميًا.
من البلطجة، إلى الفوضى
، والتراخي في الالتزام بالقوانين المدرسية، باتت العديد من المدارس مرتعًا لسلوكيات غير منضبطة، مما أثر بشكل مباشر على مستوى التعليم وأخلاقيات الطلاب.
فما هي أسباب هذا الانتشار؟ وكيف يمكن إعادة الانضباط إلى المدارس؟
1. مدارس المشاغبين: تعريف الظاهرة وأبعادها
مدارس المشاغبين هو مصطلح يستخدم للإشارة إلى مجموعة من الطلاب الذين يتجاهلون النظام التعليمي والقوانين المدرسية بشكل متعمد، بل ويستخدمون البلطجة لاستعراض قوتهم وتأثيرهم على زملائهم. تختلف هذه الظاهرة في حدتها من مدرسة إلى أخرى، لكنها تتسم بالآتي:
غياب الالتزام:
الطلاب لا يحضرون إلى المدرسة للتعلم بل للاستعراض.
البلطجة:
استخدام القوة أو التهديدات لإرهاب الطلاب الآخرين.
التخريب: أعمال فوضى وتخريب المنشآت المدرسية.
الإهمال الأكاديمي: تراجع في معدلات التفوق الأكاديمي والاهتمام بالواجبات المدرسية.
2. أسباب انتشار الظاهرة
تعددت الأسباب التي ساهمت في انتشار ظاهرة البلطجة و”مدارس المشاغبين” في مصر، ومن أبرزها:
أ) تأثير وسائل الإعلام والسوشيال ميديا
تأثير الإعلام لا يمكن إغفاله، حيث أن الكثير من الشباب والمراهقين يستقون سلوكياتهم من الأفلام والمسلسلات التي تمجد الشخصيات البلطجية والمشاغبة.
مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل للطلاب تقليد هذه السلوكيات ونشرها على نطاق واسع، مما يزيد من انتشار الظاهرة.
ب) غياب الدور الفعّال للأسرة
الأسر تلعب دورًا كبيرًا في تقويم سلوك الأبناء.
ومع تراجع دور الأسرة بسبب الانشغال بالعمل أو ضعف الرقابة، تترك هذه السلوكيات السلبية المجال لتترعرع بين الطلاب. يصبح الأبناء بلا قدوة قوية توجيهية في حياتهم.
ج) تراجع الدور التربوي للمدرسة
المدرسة ليست فقط مكانًا للتعليم الأكاديمي، بل هي أيضًا مسؤولة عن التربية. ومع تزايد أعداد الطلاب في الفصول وغياب المدرسين المؤهلين تربويًا في بعض الحالات، يصبح من الصعب على المدرسة فرض الانضباط.
د) نقص الأنشطة الترفيهية والرياضية
غياب الأنشطة الترفيهية والرياضية في المدارس، التي من شأنها تفريغ طاقات الشباب بشكل إيجابي، أدى إلى توجههم نحو سلوكيات غير منضبطة.
الأنشطة الرياضية والترفيهية يمكن أن تكون متنفسًا هامًا للشباب لإبعادهم عن البلطجة والمشاكل.
3. تأثير هذه الظاهرة على التعليم
لا تقتصر آثار ظاهرة مدارس المشاغبين على الجانب السلوكي فقط، بل يمتد تأثيرها إلى المستوى التعليمي. من بين أبرز الآثار السلبية:
تراجع مستوى التعليم: يعاني الطلاب الجادين من صعوبة التركيز في بيئة مشحونة بالفوضى.
ضعف التواصل بين الطلاب والمدرسين: المدرسون يجدون صعوبة في التعامل مع الطلاب، مما يؤدي إلى تراجع الأداء الأكاديمي.
زيادة حالات التسرب المدرسي: البلطجة والمضايقات داخل المدارس تدفع بعض الطلاب إلى ترك المدرسة هربًا من هذه الظروف.
4. كيف يمكن إعادة الانضباط إلى المدارس؟
إعادة الانضباط إلى المدارس يتطلب تضافر جهود مختلفة من أطراف متعددة؛ الأسرة، المدرسة، والمجتمع. ومن بين الخطوات التي يمكن اتخاذها:
أ) تعزيز دور الأسرة
الأسرة هي الأساس في تربية الأبناء. يجب على الآباء أن يكونوا أكثر تواجدًا في حياة أبنائهم، وأن يقدموا التوجيه اللازم حول السلوكيات الصحيحة. تشجيع الحوار المفتوح مع الأبناء وفهم احتياجاتهم ومخاوفهم يساعد على تعزيز الانضباط الشخصي.
ب) تدريب المدرسين على المهارات التربوية
المعلم ليس فقط ناقلًا للمعلومات، بل هو قدوة أيضًا.
تدريب المعلمين على المهارات التربوية يساعدهم في إدارة الفصول بطريقة أكثر فعالية، وبالتالي تقليل الفوضى والمشاكل داخل الفصول الدراسية.
ج) تطوير الأنشطة المدرسية
توفير أنشطة ترفيهية ورياضية يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير في سلوك الطلاب. الأنشطة الرياضية تُعلّم الطلاب كيفية العمل كفريق واحترام القوانين، بينما الأنشطة الترفيهية مثل الرحلات العلمية تتيح لهم فرصًا للتعلم بشكل غير تقليدي.
د) تطبيق قوانين صارمة للبلطجة
يجب أن تكون هناك قوانين صارمة وواضحة تطبق على من يمارسون البلطجة في المدارس. يجب أن يكون هناك نظام للعقوبات الرادعة، مثل الفصل المؤقت أو الدائم للطلاب الذين يكررون هذه السلوكيات.
هـ) دور المجتمع المحلي
يمكن للمجتمع المحلي أن يلعب دورًا كبيرًا في إعادة الانضباط للمدارس. إشراك الأهالي والمجتمع في مراقبة المدارس والتعاون مع الإدارة المدرسية يمكن أن يساهم في تحسين البيئة التعليمية.
5. دور الحكومة في مواجهة الظاهرة
الحكومة لها دور رئيسي في ضبط الوضع داخل المدارس، وذلك من خلال:
تحديث المناهج الدراسية: لتشمل مواد تعليمية تتناول أهمية الانضباط واحترام الآخرين.
زيادة الدعم المادي للمدارس: لضمان وجود بيئة تعليمية جيدة تحتوي على الأنشطة اللازمة للطلاب.
التعاون مع وسائل الإعلام: لتقديم نماذج إيجابية للشباب في الأفلام والمسلسلات، والتركيز على نشر قصص النجاح والإلهام بدلًا من تمجيد الشخصيات المشاغبة.
6. خلاصة وتوصيات
في الختام، يمكن القول أن ظاهرة انتشار مدارس المشاغبين في مصر ليست جديدة، ولكنها تفاقمت في السنوات الأخيرة.
المجتمع ككل يحتاج إلى التعاون لإعادة الانضباط إلى المدارس.
من الأسرة إلى المدرسة إلى الحكومة، الجميع له دور في توفير بيئة تعليمية مناسبة تتيح للطلاب التركيز على العلم والابتعاد عن السلوكيات السلبية.
يجب أن يكون الهدف هو خلق جيل واعٍ، قادر على تحمل المسؤولية، وليس فقط التميز الأكاديمي بل أيضًا التميز الأخلاقي.