ماذا لو نُزع الحياء من البشر .. الفضيلة والإنحدار وأعلي درجات الإنحطاط 

ماذا لو نُزع الحياء من البشر

بقلم:  ياسر عبدالله

 

ماذا لو نُزع الحياء من البشر، في جوهر كل إنسان توجد مجموعة من القيم والمبادئ التي تشكل سلوكه وتحدد تفاعلاته مع العالم من حوله ومن بين هذه القيم يبرز الحياء كركيزة أساسية لبناء المجتمعات المتحضرة إنه ذلك الشعور الخفي الذي يوجهنا نحو الفضيلة ويمنعنا من الإنحدار إلى أعلي درجات الإنحطاط تابع التقرير على أخبار مصر.

العلاقات البشرية والإحترام المتبادل

مع وجود الحياء يجعلنا نفكر كثيرا قبل الإقدام على فعل مشين ولكن ماذا لو إفترضنا عالما نزع فيه الحياء من قلوب البشر أي نوع من الفوضى الأخلاقية سيسود وما هي التداعيات التي ستصيب كل جانب من جوانب حياتنا و إذا نزع الحياء فإن أول ما سيتأثر هو الروابط الإجتماعية.

فالحياء هو الذي يضبط حدود التفاعل بين الأفراد ويمنع التجاوزات ويحافظ على الإحترام المتبادل فبدونه ستصبح العلاقات البشرية مجرد مصالح عارية تتلاشى فيها قيم الود والتراحم لن يكون هناك مكان للخجل من الكذب أو الغش أو خيانة الأمانة سيتصرف الناس وفقا لأهوائهم ورغباتهم اللحظية دون اعتبار للمشاعر أو حقوق الآخرين مما سيؤدي إلى تفكك الأسر وإنهيار الصداقات وغياب الثقة تماما وعلى الصعيد الأخلاقي.

فإن غياب الحياء سيعني غياب أي رادع داخلي للسلوكيات السلبية و لن يشعر أحد بالخجل من إرتكاب الجرائم أو إنتهاك القوانين أو ممارسة الفجور علنا ستصبح الفضيلة مفهوما غريبا والرذيلة هي السائدة و ستعم الفوضى الأخلاقية وتتلاشى المعايير التي تحدد الصواب من الخطأ ولن يكون هناك فرق بين الشخص المحترم والمجرم فكلاهما سيتصرف بنفس الجرأة واللامبالاة مما يحول المجتمعات إلى غابة يسودها قانون الأقوى والأكثر جرأة و أما على مستوى التنمية والتقدم فإن غياب الحياء سيعيق أي نهضة حقيقية فالحياء يدفع الإنسان إلى التحلي بالأمانة في العمل والإتقان في الأداء والإلتزام بالوعود وبدونه ستنتشر الرشوة والمحسوبية والفساد في كل أركان الدولة والمؤسسات لن يبالي الموظف بتقصيره ولن يخجل المسؤول من إستغلال سلطته و سينهار مفهوم المساءلة وستفقد الثقة في الأنظمة والقوانين مما يؤدي إلى تدهور إقتصادي وإجتماعي لا رجعة فيه فكيف يمكن لمجتمع أن يزدهر عندما لا يخجل أفراده من تدمير بنيته من أجل مصالحهم الشخصية .

كابوس يتحول لحقيقة

و في الختام إن الحياء ليس مجرد فضيلة أخلاقية فحسب، بل هو صمام أمان للمجتمع بأسره إنه الحارس الذي يحمي كرامة الإنسان ويصون قيمته إن نزعه من البشر ليس مجرد فكرة إفتراضية بل هو كابوس قد يتحول إلى حقيقة إذا ما إستمرت القيم الأخلاقية في التآكل لذا فإن الحفاظ على الحياء وتنميته في نفوس الأجيال الجديدة هو مسؤولية جماعية تقع على عاتق كل فرد ومؤسسة لضمان بناء مجتمع متماسك ومتحضر لا تسقط أركانه بسبب غياب هذا الدرع الواقي.

 

كاتب المقال

الأستاذ / ياسر عبدالله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.