فريضه الحج (ترك متاع الدنيا)
فريضه الحج(ترك متاع الدنيا)
بقلم/
بقلم/إيمان سامى عباس
فريضه الحج!!
تشغلني فريضة الحج .. ومناسكها .. وهذا السحر العجيب .. الذى يدفع المسلم الى بيع اخر ما يملك .. او ان يحرم نفسه من كل متع الدنيا .. ليدبر مصاريف تكاليف الحج .. قد يعيش المسلم سنوات عديدة .. يجمع المال من اجل رحلة الحج .. يحلم بها .. ولا يوجد لديه دعاء الا ان يكتبها الله له .. ما عظمة هذا الشعور .. وهذه الرغبة الملحة .. وهذا الإصرار الذى يتزايد كل لحظة .. بالتمسك لأقصى مدى بالذهاب للحج .. ولا احد يفكر فى هذا الزحام ولا يخطر على باله .. مشقة الطواف حول الكعبة .. والذى قد يستغرق اكثر من ساعة .. لسبعة مرات حول الكعبة .. لا يخطر على بال مسلم .. كيف يخرج سالما من هذا الزحام الشديد .. فيكفى انه على اتصال بالله .. وأنه فى رعاية الله .. واى شرف هذا .. الذى يعيشه المسلم .. اى شرف ان يشعر بقربه الى الله .. وان يد الله معه .. لا أحد يفكر .. كيف يطوف وسط هذا العدد الغفير من الحجاج .. ووسط كل ذلك .. تجد من يصلى .. يسجد لله .. غير مبال .. بخطورة صلاته وحوله هذا الكم الهائل من المسلمين .. ما هذه العظمة .. التى تدخلك فى صلة مباشرة .. مع الخالق سبحانه بمجرد وضع قدمك أرض الطواف حول الكعبة .. ما هذه القوة التى تنتشلك من الدنيا كلها .. لتجعلك لا تنطق الا بالدعاء الى الله .. وكأنك تقف امام الخالق العظيم سبحانه .. تدعوه بما تريد وما تشاء .. انه عالم آخر .. عالم يجذبك جذبا دون أن تشعر .. الى تعلق قلبك بالله .. لا شئ آخر سوى الله .. وبمجرد ان تتوجه العين الى الحجر الأسود .. ترتفع الايدى مرددتا : الحمد لله .. وهو ما يعنى ميلاد جديد .. لشوط جديد من الاشواط السبعة .. والجميع ينظر إلى هذا الحجر .. وكله امل فى تقبيله .. ووسط هذا الزحام .. تجد من يصل اليه ويقبله .. ولا احد يدرى كيف وصل اليه .. وسط هذا الزحام الشديد جدا جدا .. ويكفى ان هذا الحجر .. قد وضعه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .. ولذلك فإن من يلمسه .. كأنه يتصل اتصالا ماديا برسول الحق صلى الله عليه وسلم .. انه مجرد حجر .. لا ينفع ولا يضر .. لكنه يعتبر لدى الكثير .. مصدر الهام رمزى .. والعجيب .. بل والمذهل .. انك تبحث لمكان أداء ركعتين فى مقام ابراهيم .. القريب من باب الكعبة .. ووسط هذا الزحام .. تجد مكانا .. ولا يوجد مسلم لا يجد له مكانا ليصلى خلف مقام ابراهيم .. وكأن الله يريد ان يذكرنا عقب انتهاء الطواف بالكعبة .. بأن سيدنا إبراهيم ومعه ابنه إسماعيل هما اللذين قاما ببناء الكعبة .. ثم الصفا والمروة .. وكيف كانت هاجر زوجة سيدنا إبراهيم .. تسعى بين الجبلين ( الصفا والمروة ) بحثا عن الماء .. فقد تركها سيدنا إبراهيم مع طفلها إسماعيل فى هذا المكان ( بواد غير ذى زرع ) .. وهنا آية من آيات الرحمن ..
حيث خرجت المياه من تحت قدم سيدنا إسماعيل .. الذى هو اليوم بئر زمزم .. وهنا يقفز الى الاذهان قول الحق : نور على نور يهدى الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شئ عليم .. هذا النور يجده المسلم فى كل شعيرة من شعائر الحج .. اما يوم عرفة .. فهو لا مثيل له .. انه يوم التوجه الكامل الى الله .. توجه كله نقاء وصفاء .. صفاء داخلى مبهر .. فلا شئ فى القلب سوى مناجاة الله .. احساس رائع فوق الوصف والخيال .. انك بين يدى الله بعرفات .. ينسى المسلم كل شئ .. فاليوم .. يوم عرفة .. لله وحده .. يتضرعون ويصلون ويسبحون فى خشوع ويقين .. الى الله .. انه شعور الاتصال المباشر بالله وما اعظمه من شعور .. لا يحدث الا نادرا .. لكنه يحدث هنا فى عرفات .. ويقفز الى الاذهان .. ان رسولنا صلى الله عليه وسلم .. وقف هنا فى عام ٦٣٢ ميلادية ( العام التاسع من الهجرة ) .. قائلا : انى تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا ابدا : كتاب الله وسنتى .. وتنطلق الدعوات .. دعوة واحدة مشتركة لجميع الحجاج : اللهم تقبل مني .. لا أحد يفكر فى اى شئ سوى أن يتقبل الله حجته .. ان الحج يعنى ان يسلم المسلم نفسه إلى الله .. فالله هو محور الحياة .. فالتوجه الى الله .. ليس بالروح او الجسد فقط .. إنما بالعقل والقلب والروح ولحمه ودمه ايضا .. بكله .. نعم بكله ..
يوم عرفه !
وهنا اقول : الا يجعلنا يوم عرفة نتوقع يوم القيامة .. والمزدلفة هى الظلام الذى يسبق اليوم الجديد .. ومنى تمثل الوفاء من خلال نحر الاضحية .. ورمى الجمرات .. ألا يرمز للكفاح ضد كل ما هو شر .. انظروا الى الصلاة فى الكعبة وهذا المشهد البديع .. فالكعبة كمركز ثابت يدور حوله فى اتجاه معاكس لعقارب الساعة مئات الآلاف من المسلمين .. فى دوائر منتظمة متراصة بدقة متناهية .. وما ابدع من قراءة ائمة الحرم للقرآن الكريم ..