فتوى جواز سرقة الكهرباء والماء والغاز تثير جدل واسع في مصر .. الأزهر يعلق
فتوى جواز سرقة الكهرباء والماء والغاز تثير جدل واسع في مصر .. الأزهر يعلق
فتوى جواز سرقة الكهرباء والماء والغاز .. جدلاً واسعاً وضجة كبيرة أثارها الدكتور إمام رمضان، الأستاذ بكلية التربية في جامعة الأزهر، ليس في الشارع المصرى فقط بينما في الأوساط الدينية أيضا .
كتبت / نهى شكرى
جاءت الفتوى لتثير تساؤلات حول شرعية الحصول على الماء والكهرباء والغاز دون دفع مقابلها، وهو ما اعتبره البعض تشجيعاً على ارتكاب مخالفات قانونية ودينية. نتناول في هذا المقال تفاصيل الفتوى، ردود الفعل عليها، والتحقيق الذي فتحته جامعة الأزهر بشأن القضية.
محتوى الفتوى المثيرة للجدل
صرح الدكتور إمام رمضان بجواز “سرقة” خدمات الماء والكهرباء والغاز، إذا كانت الدولة أو المؤسسات المسؤولة عنها تتسبب في تعسير الحياة على المواطنين، أو تفرض عليهم رسوماً باهظة لا يقدرون على سدادها. وقد برر هذا الرأي بأن “الضرورات تبيح المحظورات”، وأن في بعض الحالات يمكن للإنسان اللجوء إلى هذه الوسائل لتأمين حاجاته الأساسية.
ردود الفعل على الفتوى
لم تمر هذه الفتوى مرور الكرام، حيث لاقت استنكاراً واسعاً من قبل العلماء والدعاة في مصر وخارجها. اعتبر البعض أن هذه الفتوى تفتح باباً للفوضى، وتمنح مبررات شرعية لارتكاب الجرائم المتعلقة بالمال العام. كما أشار آخرون إلى أن الفتوى تتعارض مع مبادئ الإسلام التي تدعو إلى حفظ المال العام والخاص، وعدم التعدي عليه بأي شكل من الأشكال.
على الجانب الآخر، دافع بعض الأفراد عن الدكتور إمام رمضان، مشيرين إلى أن الفتوى جاءت في سياق معين وأن المقصود بها هو التخفيف عن المواطنين الذين يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة.
موقف جامعة الأزهر
لم تتجاهل جامعة الأزهر هذه القضية المثيرة للجدل، فقد سارعت بإحالة الدكتور إمام رمضان للتحقيق. أكدت الجامعة في بيان لها أن الفتاوى التي تصدر عن أساتذتها يجب أن تكون متوافقة مع تعاليم الدين الإسلامي وضوابطه، وأن هذه الفتوى تتنافى مع القيم التي تسعى الجامعة إلى ترسيخها. كما شددت الجامعة على أنها لن تتهاون مع أي شخص يروج لأفكار تتعارض مع الشرع أو تسيء إلى سمعة المؤسسة.
التحقيق والإجراءات المتخذة
أعلنت الجامعة أنها شكلت لجنة خاصة للتحقيق مع الدكتور إمام رمضان في هذه الفتوى، وستقوم اللجنة بالاستماع إلى أقواله ودراسة ملابسات إصدار هذه الفتوى. من المتوقع أن تتخذ اللجنة قرارها بناءً على الأدلة والشهادات المتوفرة، ومن ثم تقدم تقريرها إلى إدارة الجامعة لاتخاذ الإجراءات المناسبة.
الفتوى بين القانون والدين
يعتبر القانون المصري الحصول على الخدمات العامة مثل الماء والكهرباء والغاز دون دفع مقابلها جريمة يعاقب عليها القانون.
وهذا يشمل سرقة هذه الخدمات من خلال التحايل على العدادات أو توصيلات غير شرعية. وفي السياق الديني، يحرم الإسلام التعدي على حقوق الآخرين، بما في ذلك المال العام الذي يعتبر ملكاً للجميع ولا يجوز استغلاله دون وجه حق.
يأتي هنا التساؤل: هل يمكن أن تُعتبر الظروف الاقتصادية الصعبة مبرراً لارتكاب مثل هذه الجرائم؟ يرى العديد من العلماء والدعاة أن الظروف الاقتصادية لا تبرر مخالفة الشرع أو القانون، وأن الحلول يجب أن تأتي من خلال الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي بدلاً من فتح الباب لمثل هذه الممارسات.
أهمية التمييز بين الفتوى والرأي الشخصي
من المهم هنا التمييز بين الفتوى الشرعية التي تستند إلى أدلة شرعية واضحة، وبين الآراء الشخصية التي قد تصدر عن بعض العلماء أو الأشخاص المؤثرين في المجتمع. الفتوى الشرعية تخضع لضوابط دقيقة ويجب أن تكون معتمدة من قبل جهات مختصة مثل دار الإفتاء، بينما الآراء الشخصية قد تكون مبنية على اجتهادات فردية ولا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي للدين.
دور المؤسسات الدينية في ضبط الفتاوى
تتحمل المؤسسات الدينية الكبرى، مثل الأزهر ودار الإفتاء، مسؤولية كبيرة في توجيه الفتاوى وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي قد تنتشر بين الناس. الفتوى هي أداة قوية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على سلوك المجتمع، وبالتالي يجب التعامل معها بحذر وضوابط صارمة.
تأثير الفتوى على المجتمع
تأتي مثل هذه الفتاوى في وقت يعاني فيه المجتمع المصري من تحديات اقتصادية كبيرة، وهو ما يجعلها تثير جدلاً واسعاً. قد تؤدي هذه الفتاوى إلى زيادة الشعور بالإحباط لدى بعض المواطنين، الذين قد يرون في مثل هذه التصريحات مبرراً لارتكاب مخالفات قانونية. لكن من الضروري التأكيد على أن التحديات الاقتصادية لا يجب أن تكون مبرراً للتعدي على حقوق الآخرين أو المال العام.
فتوى الدكتور إمام رمضان بشأن جواز سرقة الماء والكهرباء والغاز جاءت لتثير نقاشاً واسعاً حول الفتاوى الشخصية وتأثيرها على المجتمع.
وبينما دافعت بعض الأطراف عن الفتوى بوصفها اجتهاداً شخصياً، أكدت جامعة الأزهر على ضرورة الالتزام بالضوابط الشرعية في إصدار الفتاوى. يبقى التحقيق الذي فتحته الجامعة خطوة مهمة في محاولة ضبط الفتاوى التي قد تؤثر سلباً على المجتمع.
تظل القضية مفتوحة حتى تصدر اللجنة المشكلة للتحقيق قرارها النهائي، لكن الدرس الأهم هنا هو ضرورة التمييز بين الفتوى الشرعية والرأي الشخصي، وضرورة أن تكون الفتاوى متوافقة مع تعاليم الإسلام وقوانين الدولة لحماية المجتمع من الفوضى.