صندوق النقد الدولي: الأزمات الجيوسياسية تعيق تعافي الاقتصاد العالمي
متابعة/ نور أحمد صفوان
ألقت كريستالينا جورجييفا، المدير العام لصندوق النقد الدولي، خطابًا امس، تطرقت فيه إلى التحديات الكبرى التي واجهها الاقتصاد العالمي خلال السنوات الخمس الأخيرة منذ توليها منصبها. يتزامن هذا الخطاب مع اجتماعات مرتقبة لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية من مختلف أنحاء العالم.
في كلمتها، تطرقت جورجييفا إلى الأزمات العديدة التي هزت الاقتصاد العالمي، بدءًا من جائحة كورونا وصولاً إلى الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط.
كما أوضحت أن التحديات لم تتوقف عند الحروب والأوبئة، بل امتدت إلى أزمة تكلفة المعيشة العالمية، التي تفاقمت نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الغذاء والطاقة.
وأضافت أن “الأسر تعاني بشدة، وهناك غضب بين المواطنين”، مشيرة إلى أن العديد من الاقتصادات المتقدمة شهدت معدلات تضخم غير مسبوقة منذ عقود.
ورغم هذه التحديات، قدمت جورجييفا بعض الأخبار الإيجابية، حيث أشارت إلى تراجع الموجة التضخمية الكبرى واستقرار الأسعار نسبيًا، نتيجة السياسات النقدية التي اتخذتها الحكومات، إضافة إلى تحسن سلاسل الإمداد وانخفاض أسعار الغذاء والطاقة. وأكدت أن هذا التقدم في احتواء التضخم تحقق دون أن يؤدي إلى ركود اقتصادي أو فقدان كبير للوظائف، وهو إنجاز يُعد نادرًا مقارنة بالتجارب السابقة.
في الوقت نفسه، شددت جورجييفا على أن التحديات لم تنتهِ بعد. فلا يزال ارتفاع الأسعار يؤثر بشدة على الأسر، خاصة في الدول الفقيرة. كما أكدت أن “التضخم كان أكثر قسوة على الفقراء”، مع الإشارة إلى الوضع الجيوسياسي المتوتر، بما في ذلك استمرار الحرب في أوكرانيا واندلاع صراعات جديدة في الشرق الأوسط، مما يثير القلق بشأن تأثير هذه الصراعات على استقرار الاقتصادات وأسواق الطاقة العالمية.
صندوق النقد الدولي يؤكد استمرار اقتصاد سلطنة عُمان
وتناولت جورجييفا أيضًا المخاطر الاقتصادية طويلة الأمد، مثل ارتفاع الدين العام وتباطؤ النمو الاقتصادي. ولفتت إلى أن ارتفاع مستويات الدين يجعل من الصعب على الحكومات تلبية احتياجاتها الأساسية والاستثمار في قطاعات حيوية مثل التعليم والبنية التحتية. وحذرت من أن هذه التحديات ستجعل الخيارات المالية أصعب في المستقبل، خاصة بالنسبة للدول ذات الدخل المنخفض.
صندوق النقد الدولي يشير إلى الولايات المتحدة بعدة إجراءات للسيطرة على ارتفاع الديون
كما أشارت إلى التغيرات التي تشهدها العلاقات الاقتصادية العالمية، مع تزايد الميل نحو السياسات الحمائية على حساب التعددية التي كانت تدعم النمو العالمي سابقًا. وأوضحت أن “العالم أصبح أكثر انقسامًا، والثقة بين الدول في أدنى مستوياتها”، حيث أصبحت الأولويات موجهة نحو الأمن القومي.
رغم ذلك، أكدت جورجييفا أن التعاون الدولي هو السبيل الأمثل للخروج من هذه الأزمات. ودعت إلى تعزيز دور المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي لدعم هذا التعاون. وأضافت أن الحلول المقترحة لمواجهة الأزمات تشمل تعزيز التعاون في مجالات التجارة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى مواجهة التغير المناخي. وأكدت أن الإصلاحات، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، ضرورية لتحقيق استقرار اقتصادي مستدام.
اختتمت جورجييفا خطابها بالتأكيد على التزام صندوق النقد الدولي بمواصلة دعم الدول الأعضاء، مذكّرة بأنه خلال فترة ولايتها الأولى، التي اتسمت بالأزمات غير المسبوقة، قدم الصندوق مساعدات مالية تجاوزت التريليون دولار. ودعت إلى مواجهة التحديات بروح التعاون، مؤكدة أن “التنبؤات ليست قدَرًا محتومًا”، وأنه بالإمكان تحقيق مستقبل أفضل بالتعاون والعمل المشترك.