شركات الاتصالات المصريه وحقوق المواطنين

شركات الاتصالات المصريه وحقوق المواطنين !!

بقلم /إيمان سامى عباس

قـــررت الـشـركـة المـصـريـة لـلاتـصـالات تحويل جميع المشتركين أصحاب خطوط التليفونات الأرضية إلى نظام الدفع المسبق بدلا من النظام المتبع منذ عقود والـذى يقوم على دفع الفاتورة كل ٣ شهور !! .

 

١١ مليون مشترك ما بين أفراد وشركات ومؤسسات وأجهزة وهيئات حكومية وخـاصـة عليهم ان ينصاعوا للأمر دون مناقشة لانه كما صرح مسئولو الشركة ( هو قرار إجبارى وليس اختيارياً ) !! .

حقوق المواطنين!!!

لم تأخذ الشركة رأى المشتركين ولم تمنحهم مهلة قبل تطبيق القرار .. وانما على كـل مشترك أن يجلس بجوار تليفونه وينتظر مكالمة تخبره بموعد تحويل خطه إلــى نـظـام الـدفـع المسبق ، حيث بـدأت الشركة بالفعل التطبيق بشكل جزئى تمهيداً للتعميم على جميع المشتركين !! .

 

بالطبع لم يكن العقد الموقع بين الشركة وصاحب أى تليفون يتضمن هذا النظام لسداد قيمة الخدمة المقدمة له وانما كان عليه سداد فاتورة الاستخدام سواء أكانت سنوية أو كل ٣ شهور .. ورأت الشركة فجأة « بصفتها هى الحريصه على مصلحة المشتركين وتعرف أكثر منهم » أن قرارها فى صالحهم وهو أفيد لهم .. لأنه كما قال أحد مسئوليها « جاء لتفادى صدمة الخط المفتوح والفاتورة ربع السنوية » فلا داعى اذن لأخذ رأيهم او منحهم مهلة للتفكير فيما هو الأصلح بالنسبة لكل مشترك فالشركة قامت بالتفكير نيابة عنهم واخذت لهم القرار الصائب .. والأهم انها الشركة الوحيدة المحتكرة لهذه الخدمة فأين سيذهب من لا يعجبه القرار .. ولمن يشكو ؟! .

 

ستطرح المصرية للاتصالات بـاقـات مسبقة الدفع للمشتركين الذين لن يتمكنوا من إجراء مكالمات إذا نفذت الباقة تماماً مثلما يحدث فى التليفونات المحمولة وفى عدادات المياه والكهرباء والغاز التى تعمل بكروت مسبقة الدفع !! .

ديكتاتوريه النظام!!

لا نناقش ما هو الأفضل للمشترك .. هل هو نظام الفواتير أم كروت الدفع المسبق .. فالقضية التى تهمنا هى طبيعة العلاقة بين الجماهير وبين الهيئات والشركات العامة والخاصة التى تقدم الخدمات وكيفية تعامل هذه الجهات مع المواطنين .. ولماذا تتعالى عليهم ولا تتحاور معهم اذا أرادت ان تستحدث نظاماً جديداً او تغير المتفق عليه فى بنود العقود المُبرمة بينهما .. ومن الذى يعطيه الحق فى اتخاذ قرارات فردية دون استطلاع رأى شركائها .. باختصار لماذا يتم تجاهل المواطن وعدم الاعتراف بحقه على الأقل فى ان يقول رأية وأخذ موافقتة كما تنص كل الدساتير والقوانين واللوائح .. والأهم لماذا تتفنن الشركات والجهات الحكومية والخاصة فى كتابة عقود الخدمات بينها وبين أفراد الشعب لتكون دائماً ( عقود اذعان ) .. ومن يحمى المواطن اذا ساءت الخدمة و من يعوضة عن ضعفها أو انقطاعها ؟! .

ما ينبغي أن يكون:

تسعى الدولة لبناء جمهورية جديدة أساسها أن يحيا المواطن بكرامة ويشعر بأنه شريك فى هذا الوطن يشارك برأيه فى كل شيء فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية .. ولا يُفرض عليه أى قرار ولا يُجبر على شىء .. فهذا هو الذى يعمق الانتماء .. و عندها لن يبخل أحد بالفكر ولا بالعمل والعرق لرفعة البلد !! .

 

بالتأكيد ليست المصرية للاتصالات وحدها هى التى تفعل ذلك والمشكلة ليست فى التليفونات الأرضية لان معظم الناس لا تستخدمها الا لادخال خدمة الانترنت .. وأيضاً لاتنفرد شركات المحمول باتخاذ قرارات مفاجئة .. ولا يقتصر الأمر كذلك على شركات الكهرباء والمياة والغاز .. وانما للأسف معظم الجهات التى لها علاقة بالتعامل مع الجماهير وتقدم خدمة أو تبيع سلعة لا تلتزم بالشروط ولا بالمواصفات ولا بالمواعيد ولا يجد المواطن من يذهب ليشكو اليه .. ونادراً ما تتدخل جمعيات حقوق المستهلك خاصة فى مجال الاسكان حيث ان هناك شركات لا تلتزم لا بالمواصفات ولا بالمواعيد المتفق عليها ولا بالأسعار المتعاقد عليها .. كذلك بالنسبة لمعارض وشركات السلع المُعمرة والسيارات .. وأيضاً مراكز الصيانة وإصلاح الأجهزة المنزلية والمركبات فعنها حدث ولا حرج وثمن المعاينة والاصلاح وقطع الغيار مغالى فيه بدرجة كبيرة .. وذلك بخلاف استرجاع واستبدال البضائع التالفة او غير مطابقة للمواصفات .. وهناك الآلاف من الشكاوى المقدمة من المواطنين للأجهزة المعنية ولجمعيات المستهلك فى انتظار الحل منذ سنوات ونسيها أصحابها ؟! .

الجهاز القومي للاتصالات ؟

كنا نتوقع ان يقوم الجهاز القومى للاتصالات بحث الشركة المصرية للاتصالات على استطلاع آراء المشتركين قبل بدء الدفع المسبق .. وكنا نعتقد انه عندما يفرض الجهاز غرامات على شركات المحمول لتقصيرها او مخالفتها او لسوء الخدمة ان تصل هذه الغرامات لمستحقيها من المشتركين المتضررين من قطع الخدمة عليهم بلا سبب وللأسف هذا لا يحث !! .

 

الغريب ان جميع الجهات الخدمية سواء شركات حكومية أو خاصة تحصل على حقوقها كاملة من المواطنين وفـى الموعد الــذى تـحـدده وبالطريقة التى تريدها.. ومـن يتخلف ُيتم حرمانه من الخدمة وفــرض غرامة ولا تعاد الخدمة إلا بعد الدفع وبالفوائد .. ولا تعتد هذه الجهات بأى أعذار حتى لو كان المواطن مريضاً أو مسافراً خارج البلاد أو عنده ظروف أو متعثر .. بينما يتعللون أن سوء الخدمة خارج عن إرادتهم نتيجة للظروف الجوية والأمـطـار أو إصابة كابل التليفون بعطل مفاجئ وبالطبع المشترك مضطر لقبول هذه الأعذار .. وحتى لو جاءته فاتورة بالخطأ فعليه الفع أولاً ثم التظلم وهذا بالتحديد أكبر مبرر لهم على كروت الدفع المسبق بدلاً من قيامهم بعلاج أسباب الأخطاء التى تقع منهم .. وعندما يرفعون سعر الخدمة يتعللون بان الظروف الاقتصادية الدولية وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام عالمياً أجبرهم على زيادة الأسعار رغماً عن ارادتهم وكأن هذه الظروف الدولية لم تؤثر أيضاً على المواطن وعلى دخله وعلى مستوى معيشته هو وأسرتة حتى لم يعد هذا ” الغلبان ” يستطيع ان يلاحق على جشع بعض التجار وغلاء الأسعار !! .

 

الأغرب .. أن جميع الجهات والشركات تؤمن بأن «الزبون دائماً على حق».. وذلك عندما يحضر إليها لشراء سلعة معمرة أو سيارة أو يتعاقد على شقة أو على خط تليفون أو عداد كهرباء أو مياه أو غاز ، حيث ُيقابل بكل ترحاب لأنه سيدفع .. وعندما يحدث تقصير أو خلل فى أداء الخدمة أو عدم مطابقه ما اشتراه للمواصفات فانهم يتنصلون من « الزبون » وتصبح الشركة هى التى على حق طول الوقت !! .

 

ما ُيحيرك أكثر أن العاملين فى هذه الشركات والجهات الذين يستقبلون المواطن عند الشراء أو الاشتراك فى الخدمة بوجه بشوش ويدللونه ويزينون له التعامل مع شركتهم وإنه سيحصل على مزايا عديدة .. هؤلاء يتفننون فى التهرب منه عند الشكوى من ضعف الخدمة أو عدم مطابقة السلعة أو الشقة أو السيارة للمواصفات .. وإذا قابلوه فيكون بوجه عبوسى حتى يكره الدنيا .. ويتعاملون معه وكأنه يتسول أو إنهم يمنون عليه ، رغـم إنهم لـو علموا الحقيقة لعاملوه بكل احترام وتأسفوا له على التقصير.. لأنــه مــن الــرســوم والـفـواتـيـر الـتـى يسددها يحصلون على رواتبهم وحوافزهم وأرباحهم .. باختصار فإن المواطن جعله الله سبباً فى فتح بيوتهم !! .

 

اذا أردنا بناء الجمهورية الجديدة على أسس سليمة يجب أن يشعر المواطن بالكرامة فى مختلف المجالات وأنه يحصل على حقوقه كاملة حتى يــؤدى واجباته كاملة .. فإذا اخلت أى جهة أو شركة أو مؤسسة حكومية أو خاصة بالتزاماتها وتأخرت عن تسليمه الشقة التى تعاقد عليها فى الموعد

لا وبالمواصفات .. أو امتنعت أو قصرت فى تقديم الخدمة المشترك بها.. أو قطعت عليه الإنترنت أو حــرارة التليفون «الموبايل أو الأرضـي» أو قطعت المياه والكهرباء والـغـاز رغـم ســداده الفواتير فيجب محاسبة المقصرين وتعويض المـواطـن عن هـذا القصور .. والأهـم حمايته من أى قـرارات بصورة فردية تخالف التعاقد الـذى تم على أساسه الاتفاق بينه وبين الجهة أو الشركة .. لابد ان يتغير فكر التعامل مع المواطنين !! .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.