رئيس جهاز المخابرات يكشف تفاصيل وحقيقة حروب اليوم

رئيس جهاز المخابرات يكشف تفاصيل وحقيقة حروب اليوم
.. لقاء نادر

رئيس جهاز المخابرات .. في شتاء 1993 اجريت لقاءا مع رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء امين نمر وهو اول ظابط مخابرات علي قمة الهرم يكلفه رئيس الجمهورية وبشكل مفاجئ ليتولي منصب سفير مصر لدي دولة الكويت في اعقاب تحريرها من غزو العراق !!

بقلم / طه امين 

ولاشك ان مثل هذا النوع من القرارات قد يصعب استيعابها بسهولة ولابد انها تعكس بعد نظر في السياسة المصرية واستشرافها للمستقبل واستشعارها بالأخطار المحدقة القادمة لا محالة .
كان تولي رئيس المخابرات هذا المنصب امرا لافتا لنا نحن الصحفيون المصريون والعرب واجهزة الرصد السرية التي تشع وميضا لايراه الا ضباط الخدمات السرية في كافة السفارات ويشم رائحتهم الصحفيون المحترفون ، وكنت قد عدت الي الكويت بعد التحرير قادما من البحرين حبث
كانت الكويت كلها في ذاك الوقت مواطنين ومقيمين نصفهم بالداخل ونصفهم الاخر بالخارج لحين ترتيب حياتهم كما كانت من قبل .. واتذكر انني عدت الي بيتي فوجدته خاويا حتي من كل ملابسنا التي تركناها .
قال لي : انا اخترتك لانك نشرت تحقيق خطير يتفق مع ما اود قوله
… وكان التحقيق الذي استرعي انتباه اللواء امين نمر ونشرته جريدة الرأي العام 1993 عقب تحرير الكويت عنوانه :
اذا كان الخطر من الشمال ( وهنا اقصد العراق ) فهو ايضا من نقعة الشملان ( وهنا اقصد ايران ) وهو يتعلق بدخول متسللين ايرانيين باعداد هائلة لترويج منتجاتهم الغذائية وكل مستلزمات الحياة عبر منفذ بحري قديم يسمي ” نقعة الشملان”

وجدت السفير يقول لي اكتب علي لساني : انه يوجد في الخليج ( 35 ) الف من خلايا الحرس الثوري النائمة ويشكلون خطرا علي امن الخليج علي المدي البعيد !! ثم اضاف اللواء نمر عبارات اضافية دبلوماسية لتخفف من حدة هذا التصريح الخشن .
ولاحظت انه اخذ يقرأ التقرير الذي كتبناه معا عدة مرات عارفا بان عبارة ال 35 الف هي صلب الخبر حتي لو زيلناه في التقرير أو جعلناه سياقا متسللا او جملة في ذيل الخبر .
وقلت له وهو يدقق في كل كلمة : سعادة السفير ان القاعدة الصحفية عندنا هي البدأ بالخبر حتي لو جعلناه سياقا او ذيلناه في اخر التقرير !!
فقال لي : طبعا .. ثم شربنا الشاي والقهوة وانا اتأمل هذا الرجل وهيبته وهو يدقق في الكلمات ، ولم اشأ ان اسأله مع رشفة الشاي عن ملف السودان فقد كنت ادرك انه سؤال شائك وهو يريده تصريح مقتضب ، وشعرت في هذه اللحظة ان اللواء امين نمر لايتحدث بلغة سفير او انه مازال يشعر انه مازال رئيسا للجهاز وانه لم يخلع بعد بذته المخابراتية وانه الان في منصب دبلوماسي لكن اي صحفي فطن لابد ان يدرك ان كلام من هذا النوع هو ليس رسالة من السفير بقدر ماهي إيعاز من رئيس الجمهورية الذي يمثله … خاصة ان الرسالة للتخاطب قادة الاجهزة الامنية انما تمس كل قادة المنطقة وانها ربما مرت من قبل عبر القنوات السرية لكن لم يعيرها احد اهتماما

وتناول الحوار ضمنيا مخطط ( برنارد لويس ) وهو مشروع ضابط المخابرات البريطاني وفيلسوف السياسة الامريكية الذي شاع اسمه في اروقه اجهزة المخابرات ومخططه الذي اعتمده الكونجرس سرا لتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ في المنطقة العربية منذ عام 1983 باستخدام ايران صراحة لتكون هي الفزاعة وبعبع المنطقة ومؤججة للخلافات المذهبية والتنافس السلبي بين حكام المنطقة !!
ولم يكن هذا المخطط من الاسرار بل كان يتحدث عنه الدكتور عبد الله النفسي ( احد رموز الاخوان ) حول خطط لتقسيم المملكة العربية السعودية وما حولها .. نعم الاخوان كانوا علي دراية بهذا المخطط
كان مخطط برنارد لويس معروفا لدي صفوة دوائر صنع القرار منذ مطلع الثمانينات وهو تجزءة كل دول المنطقة ليبدأ من الحرب العراقية الإيرانية سعيا لتفتيت دول الشرق الاوسط الي عشرات الدول ، لتكون مصر في النهاية هي الجائزة الكبري ! .. ولا اذيع سرا انني رفعت دراسة مستفيضة عن مشروع ” برنارد لويس ” الي وزير الدفاع وقت ان كنت الي جانب عملي الصحفي مستشار اعلاميا في ادارة مستشاري الوزير في منطقة سلوي
وهي ضمن الدراسات الوافية التي كانت تأتي للإدارة من مركز الخليج للدراسات الاستراتيچية بلندن وتصب في مكتبي لأعمل لها موجزا يقراه الوزير بحسب المقتضيات والأولويات .
وأظن أن هذا النوع من الدراسات الامنية والعسكرية والاقتصادية الشديدة التخصص كانت بمثابة تقدير موقف أول بأول لكافة الاوضاع الجارية والمستقبلية ! مثل دراسة جعلتني ادرك مبكرا ان مخطط الغرب هو اعتبار الاسلام هو العدو الاول بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي .
واظن ان هذا النوع من الدراسات شكلت وعيي الي جانب قرآتي عن الفلاسفة الذين لعبوا دورا في السياسة العالمية بدءا من ارسطو الذي كان مستشارا للاسكندر الاكبر وحتي ميكيافيللي وصولا للفيلسوف البريطاني برنارد لويس !!!

وماهي ايام حتي وجدت الرئيس حسني مبارك يطلق تصريحا
مدويا يقول فيه : ان شيعة الخليج ولاءهم لإيران وانهم يمارسون التقية ” وهو مصطلح مذهبي شيعي يجيز للشيعي ان يظهر عكس مايبطن !!
والذي يتابع تطور الاوضاع نتيجة تنامي الحرس الثوري الايراني الذي يطوق الجزيرة العربية من كل الاتجاهات شمالا في في سوريا ولبنان وغزة وشرقا في العراق وفي اليمن سيدرك ابعاد تحذيرات السفير امين نمر والرئيس حسني مبارك والتي كانت كتبا في مطلع التسعينيات وثقها الصحفي محمد حسنين هيكل في كتابة ” مدافع آيات الله ” وهكذا كتاب الصحفي الكبير ابراهيم نافع بعنوان :
” الإرهاب وسقوط الأقنعة”
كانت مرحلة اللواء امين نمر في الكويت بعد التحرير حبلي بالمفارقات التي تؤكد ان مخطط برنارد لويس كان ماضيا وان مصر نبهت وحذرت ولكن .
اه من ولكن .
تلك هي الحقيقة المرة التي لم يكتمها اللواء نمر ولا الرئيس حسني مبارك !! ولا تحذيرات الرئيس
السيسي وهو يخاطب شعوب المنطقة ليبرئ ذمته وهو بقول :
خالوا بالكم من بلادكم
تري من اهمل ومن تآمر ومن باع ومن خان وترك الحرس الثوري يتغلغل علي هذا النحو ويطوق المنطقة ثم يحدث مايحدث !!
يقينا لا اعلم بالتحديد من باع وخان الاوطان !
هل ملوك الطوائف أم ملالي ايران .. لا اعلم ولكن اليقين الوحيد انني رأيت بعيني من دفع الثمن!!