رأي هيكل في الصحافة والسياسة

رأي هيكل في الصحافة والسياسة

 

بقلم الكاتبة سلوى عبد الستار الشامي

أتاح الزمن لمحمد حسنين هيكل التواجد فى موقع الأحداث الكبرى حيث كان الشاهد على الأحداث والاندماج في فصول تلك الأحداث.
يعد محمد حسنين هيكل شاهد غير مسبوق ،كان دائما فى المجال السياسى لكنه رفض الإنشغال فى هذا المجال ، حاول الكثير جذبه إلى العمل الحزبى والنقابى لكنه إختار أن يكون كاتباً صحفياً يرى ويسمع ويكتب ويقول حتى أصبح أحد أعمدة التحديث فى الصحافة المصرية والعربية ، أحد رواد مدرسة صحافة المعلومات .
عن تجربته الخاصة فى العالم الثالث قال أنه كلما إقترب الصحفى من السلطة إقترب من صنع القرار، وعندما تكون السلطة وطنية والموضوعات لا خلاف عليها ، لا يكون التناقض عميقاً بين الصحفى وصانع القرار ،بل يتواجد خلاف ولكنه بسيط ،وبصفة عامة لا يمكن فصل السياسة عن الصحافة ، لأن الصحافة هى جزء من العمل السياسي.
على الصحفى أن يختار أين يقف هل يقف قريباً من ذيل للسلطة أم من رأسها، فالعالم الثالث من وجهة نظر حسنين هيكل يمر بمراحل من التطور السياسى ، يكون فيها الخلاف بين المخبر الصحفى وصانع الخبر لبس كبيراً،ةوالتناقض بين الصحفى والسلطة الوطنية ليس شديداً، لكن ماذا إذا كانت السلطة غير وطنية أو غير متوافقة مع الإتجاه الذى يسلكه الصحفى ،ولمحمد حسنين هيكل تجربتين على ما سبق ، الأولى مع سلطة وطنية تمثلت فى الرئيس جمال عبد الناصر، الثانية تمثلت فى الرئيس أنور السادات، فى تلك الفترتين عمل صحفياً،فى النقطة الأولى كان مشاركا فى مجال صنع القرار يتكلم مع من حوله ، ويجمع الاخبار ويدخل طرفا فى الحوار ، أما فى النقطة الثانية فقد قام بكتابة أمر القتال للمشير أحمد إسماعيل، وكتب خطبة أنور السادات التى ألقاها فى مجلس الشعب ، واشترك فى وضع الخطة الإعلامية والسياسية لحرب أكتوبر كان ذلك آخر مافعله فى عهد السادات , ثم اختلفت الاتجاهات والطرق ،فاصبح لا يشارك ولا يعبر عن رأيه ولا حتى مخبر صحفى وأعلن الخلاف بينه وبين السادات.
فى خطاب الإعتذار عن الوزارة بعنوان “إيضاح” وضع أسباب تردده فى قبول الوزارة حيث تم العرض عليه أربع مرات الأولى فى عام ١٩٥٦ وكانت أول وزارة شكلها عبد الناصر ، الثانية فى وزارة الوحدة عام ١٩٥٨, الثالثة عام ١٩٦١بعد الإنفصال، وأخيراً فى عام ١٩٦٧ بعد الحرب ، يقول محمد حسنين هيكل أن الصحفى أكثر أهمية من الوزير ، فمهمة الصحفى هى جلب الخبر وعرضه بطريقة مفهومة ، أى أن يضع الصحفى القارىء فى موقع الخبر على الخريطة العامة ، كما أن قضية الصحافة ليست الكلمة وحدها ولكن قضيتها هى كلمة قادرة على الفعل ، الكلمة الإنشائية تنتهى فى لحظتها ، والاستمرار للكلمة المعبرة عن حقيقة واقع هو جزء من تصور الناس .
رأى هيكل أن حرية الصحافة فى حق الناس في أن تعرف حقيقة ما جرى ، فحرية الصحافة متعلقة بمهمة المخبر الدقيق الذى يقول للقارىء ما يجرى ، فالحرية الصحفية فى تصوره هى حرية المعرفة وليست حرية التوجيه، حيث هناك فرق كبير بين المعرفة والتوجيه ، فالخبر هو المعرفة ، أما الرأى فهو التوجيه .

سلط محمد هيكل الضوء على الأزمة فى الصحافة حيث تحدث الأزمة عندما تتكرر الصورة،عندما عندما تعالج سطح ما يجرى فذلك تكرار للصورة بطريقة باهتة ، وهنا لابد من الإنتقال من سطح الأحداث إلى عمقها وذلك بالأخبار، وبتلك آراءه يعد من أبرز الصحفيين فى الوطن العربى بأكمله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.