خواطر مسافر بين سفر وآخر بقلم: د. رحاب أبو العزم
خواطر مسافر بين سفر وآخر بقلم: د. رحاب أبو العزم
القلوب السنابل
﴿سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ﴾
إن القلوب المحبة كالسبع السمان؛ لا تأكلها لحظات الطيران، ولا أيام السفر، ولا غربة البلاد، ولا ساعات الفراق الطويلة؛ إنما تأكلها الكلمات العجاف، والقسوة والاغتراب العاطفي. وكم من قلوب تحجرت من بطر الحق وغمط الناس، وكم من قلوب تبدلت مودتها إلى القسوة نتيجة لعجاف قلوب الآخرين، وكم من قلوب اتسع حبها كل البشر مهما باعدتها المسافات،.
ومهما طال بها السفر، ومهما تباعد بريق عيونها، ومهما تفارقت نبضاتها؛ إنها القلوب السنابل تسطع بصفار ولمعان شمسها لا تعرف إلا أن تحب، ولا تعرف إلا أن تملأ الأفئدة نورًا وبهجة، ولا تعرف إلا أن تملأ قلوب المحبين خضارًا ونقاء، هي السنابل الخضراء وسط الأرض اليابسة؛ فلا تطرح إلا حبًا وودًا كلما زادت سقياها، وتجف وتندمج مع اليابسة إن قل العطاء إليها.
اختلاف القلوب المسافرة
بين سفر وآخر
نرى الوجوه قد اختلفت، والأقوال تلاشت، والأفعال قد انقلبت: بين قلب ينزف ألما من الداخل والوجه يضحك راضيًا بما قدره مولاه، وبين بدن يعيش الرغد والهناء وقلبه يكره الحياة، وقسمات الوجه قاسية على مشاعرها ومشاعر مَن حولها. لقد أخطأ هذا المسافر الذي مر على لحظات الفرحة مرورًا خاطفًا عابرًا وحينما اقتربت منه الأشجان بل هاجمته الأحزان لم يدفعها عن قلبه، لم يقاتلها لتنأى عن حياته؛ بل عاش بداخل لحظاتها، وتنفس صورها؛ ذلك المسافر لم يعطي للفرحة وزنها وقدرها، وقدم لأحزانه مزيدًا من الاهتمام والعمق بلا داعٍ؛ فاغترب عن سعادته فتركته الفرحة وقررت الرحيل وسافرت.
وبين سفر وآخر تتبدل المرآة فينادي المسافر على من يحب: افرح واسعد فحياتك مثلي هي سفر مليئ بالعثرات، ومليئ بالسعادات فاطرح الأولى واخطو فوقها واستكمل السفر بالثانية.
صحة نفسية، تنمية بشرية