حماية التلاميذ مسؤولية مشتركة نحو بيئة مدرسية آمنة نفسياً وجسدياً

 

حماية التلاميذ .. تشير حوادث الاعتداء الفردية على التلاميذ الصغار من قبل ذئاب بشرية إلى ضرورة اعتماد اختبارات نفسية صارمة للعاملين الجدد بالمدارس قبل تعيينهم. فلم تعد هذه الاختبارات رفاهية، بل أصبحت حاجة ملحّة لحماية البيئة التعليمية التي يتعامل أفرادها يومياً مع الفئة الأكثر هشاشة في المجتمع.

بقلم/ إيمان سامي عباس

إجراء تقييم نفسي شامل
إن إجراء تقييم نفسي شامل يضمن تحديد من يمتلك الأهلية للتعامل مع الأطفال، ومن قد يشكل خطراً عليهم ليتم استبعاده من المنظومة التعليمية قبل السماح له بالاحتكاك بهم.

كما أن غياب الرقابة الجادة أو ضعف التدريب المهني داخل بعض المدارس قد يسهم في ظهور أشخاص يعانون من ضعف القدرة على ضبط دوافعهم، مما يهيئ بيئة تسمح بظهور سلوكيات مؤذية يدفع ثمنها التلاميذ الصغار. ومن هنا تأتي أهمية تبني منظومة تقييم نفسي دورية تقلل فرص السلوكيات السادية والسيكوباتية وتتيح الوقاية المبكرة قبل تفاقمها.

تكامل الأسرة والمدرسة للوقاية من التحرش والسلوكيات المنحرفة

لا يمكن للمدرسة وحدها مكافحة السلوكيات المنحرفة، كما لا تستطيع الأسرة القيام بالمهمة بمعزل عنها. إن عدم التعاون بين الطرفين واعتماد كل منهما على استراتيجية منفصلة يحدّ من القدرة على الاكتشاف المبكر للاعتداءات، خاصة أن الأطفال قد يخفون ما يتعرضون له نتيجة الخوف أو الخجل أو عدم الوعي.

ومن هنا تأتي أهمية تعزيز مستويات متعددة من الرقابة المدرسية، بدءاً من تركيب كاميرات مراقبة في مختلف المرافق، مروراً بدراسة إمكانية الاستعانة بعناصر أمن مدربة لبث الطمأنينة بين التلاميذ وأسرهم. فكون المدرسة دولية أو خاصة ليست ضمانة كافية لسلامة الطفل النفسية والجسدية.


تعزيز مهارات الأطفال ورصد العلامات المبكرة للخطر

تبدأ حماية التلاميذ من تمكينهم بمهارات تساعدهم على التعامل مع المواقف الصعبة. فالمدرسة تمتلك أدوات مهمة يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً إذا تم استخدامها بشكل سليم، مثل المناهج الدينية والوطنية، ولوائح السلوك، وبرامج الانضباط، والأنشطة الطلابية.

وتزداد فعالية هذه الأدوات حين تُستغل بالكامل بالتنسيق المستمر بين المدرسة والمنزل. وعلى الأسرة دور رئيسي يتمثل في:

تعليم الأبناء ضرورة البقاء وسط زملائهم داخل المدرسة وخارجها.

المتابعة اليومية معهم بعد عودتهم ومناقشة ما مرّوا به.

فتح حوار هادئ مع الطفل يشجعه على البوح بما يتعرض له دون خوف.

مراقبة أي علامات نفسية أو جسدية غير طبيعية مثل التوتر، الشرود، الخوف، أو ظهور خدوش وكدمات.

وفي المقابل، يجب على المدرسة عدم التستر على أي واقعة اعتداء أو تحرش، والالتزام بإبلاغ الجهات المختصة فوراً. كما يجب تحديد عقوبات صارمة لأي مدير أو معلم أو موظف يتهاون في هذا الواجب أو يتجاهل شكاوى التلاميذ.

وتبرز كذلك أهمية تخصيص خط ساخن سري لبلاغات التحرش داخل المدارس، يتيح للأسر الإبلاغ دون حرج أو خوف من الإضرار بالسمعة، مع ضرورة تغليظ عقوبات جرائم التحرش لضمان مستوى رادع من الحماية.

إن حماية التلاميذ الصغار ليست مسؤولية جهة واحدة، بل هي منظومة متكاملة تبدأ بانتقاء عناصر تربوية مؤهلة نفسياً، وتستمر بوجود رقابة فعّالة، وتتكامل مع دور الأسرة في التوعية والمتابعة، لنصل إلى بيئة تعليمية آمنة تُنشئ جيلاً مطمئناً، قوياً، وقادراً على مواجهة التحديات بثقة.
كاتبه المقال
إيمان سامي عباس

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.