حكومات تعبث وشعوب رافضة وهدية مؤجلة
يبدو أن السلوكيات التي تمت مناقشتها في مذكرتي الاعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ووزير دفاعه يوأف جالانت مستمرة، بالرغم من قرارات المحكمة الجنائية الدولية باعتقالهما، الأمر الذي يدعو إلى الشك في تنفيذ تلك القرارات للحد من تداعيات الكارثة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل بالضفة الغربية وغزة.
تنفيذ أمر الاعتقال أو إيقافه، أثار الجدل بين الشعوب من رواد مواقع التواصل الإجتماعي وغيرهم، مابين مشككين في التنفيذ وبين واثقين أو بمعنى أدق آملين في تنفيذه، فالمشككون يصفون مذكرتي الاعتقال بالمسرحية الهزلية المضللة، والهدية المؤجلة التي قدمتها الجنائية الدولية لتهدئة الرأي العام العالمي المساند للشعب الفلسطيني المنكوب منذ عام 1948، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية هذه الفترة مابين إدارة بايدن المؤقتة وادارة ترامب القادمة رافضة لحكم الجنائية الدولية ضد نتنياهو ويوأف جالانت، وتسعى جاهدة إلى إبطاله.
أما الجانب الواثق في تنفيذ حكم الجنائية الدولية ضد رئيس وزراء إسرائيل ووزير دفاعه، متفائلون بمذكرتي الاعتقال، آملين في إنهاء ذلك الصراع الذي طالما انتظره الشعب الفلسطيني والمنطقة بأسرها منذ عقود، وعودة الحق المنهوب لأصحابه، واثقين في عدالة بعض الحكومات الأوروبية، التي من المفترض أنها داعمة لقرار الاعتقال، والممول للمحكمة الجنائية الدولية، ولكن يبقى هنا السؤال: هل تجرؤ أوروبا على التنفيذ إذا سنحت الفرصة لذلك، وتخالف رغبات القوة الأكبر في العالم الرافضة لحكم الجنائية الدولية وهي “أمريكا”؟
وعن أحدث سوريا ليست مفاجأة كما يزعم البعض، ولكنه مدعوم مسبقًا من الولايات المتحدة وإسرائيل، فبحسب سياسيون هذه الأحداث قد تكون بداية لمشروع تقسيم جديد سيشمل سوريا وبعض الدول العربية، وما يحدث في الشمال السوري يترتب عليه مفاجآت على العراق، وهذا ما سنراه الأيام القادمة، بما إن سوريا والعراق متصلتين جغرافيًا، وكون هذه المجاميع المسلحة تدريبها عالي المستوى ومدعومة من دول كبرى وأجهزة استخبارات عالمية، فقطعا هناك تهديدات على العراق.
ولكن المشهد الدائر أمامنا وبحسب المراقبين الدوليين، يقول أن عدم تنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال بنيامين نتنياهو، والذي ستكون له تداعيات خطيرة على المستويين القانوني والسياسي، سيؤدي إلى الشك في مصداقية المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المؤسسات الدولية، ما يرسخ فكرة أنها مجرد أدوات رمزية لا قدرة لها على فرض العدالة، وقد يشجع التصدي للقرار وتحدي المحكمة، قادة الدول والأنظمة الظالمة على الاستمرار في ارتكاب الجرائم، وهم مطمئنون إلى أن العقاب لن يطالهم، فمن أمن العقاب أساء إدارة السلطة.
وعلى الجانب الآخر فبعض السياسيين، يتوقعون المزيد من تعقيد الأوضاع في المنطقة، لعدم تنفيذ القرار حيث سيشعر الفلسطينيون بغياب العدالة الدولية، الأمر الذي يدفع إلى الإحباط والغضب الشعبي، وينعكس ذلك على استقرار المنطقة بأسرها، فإن تجاهل القرار سيعمق الانقسام بين الدول المؤيدة لسيادة القانون، وتلك التي تحمي الجناة، الأمر الذي يهدد النظام العالمي القائم على قواعد القانون الدولي.