ثورة مالية أفريقية بالذكاء الاصطناعي
ثورة مالية أفريقية بالذكاء الاصطناعي
بقلم: طه المكاوي
في ظل التحولات الرقمية المتسارعة، كشفت دراسة صادرة عن مركز فاروس للدراسات الأفريقية أن الذكاء الاصطناعي بات لاعبًا محوريًا في إعادة تشكيل القطاع المالي الأفريقي.
ولم يعد الأمر يقتصر على كونه أداة تكنولوجية مساندة، بل تحول إلى ضرورة استراتيجية لتطوير الخدمات المالية وتعزيز الشمول المالي.
أفريقيا في قلب الثورة المالية العالمية
تشير الدراسة إلى أن أفريقيا، التي تحتضن أكثر من نصف حسابات الأموال عبر الهاتف المحمول في العالم، تمتلك فرصة تاريخية للانخراط الفعّال في الثورة المالية العالمية. ويأتي ذلك من خلال توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في كشف محاولات الاحتيال، وتخصيص الخدمات المالية بما يناسب العملاء، وتحسين كفاءة العمليات التشغيلية.
فرص واعدة للابتكار والتنمية
وترى الدراسة أن هذه التحولات قادرة على رفع معدلات الابتكار، وزيادة الناتج المحلي، وفتح آفاق جديدة أمام المشروعات الصغيرة ورواد الأعمال. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدعم خطط التنمية الشاملة عبر تقديم حلول تمويلية أكثر مرونة وتخصيصًا.
تحديات مقلقة ومخاطر نظامية
في المقابل، تحذر الدراسة من تحديات كبيرة قد تعرقل هذه الثورة، أبرزها: فجوات البنية التحتية الرقمية، وضعف الأطر التنظيمية، ومخاطر الخصوصية والحقوق الرقمية، فضلًا عن تهديدات نظامية قد تزعزع الاستقرار المالي إذا تم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بشكل غير مدروس.
الطريق نحو استثمار آمن وفعّال
وتخلص الدراسة إلى أن نجاح أفريقيا في الاستفادة من هذه الثورة المالية يتطلب إرادة سياسية واضحة، وتعاونًا إقليميًا ودوليًا، مع الاستثمار في بناء القدرات البشرية وسنّ تشريعات رشيدة. ذلك من شأنه تحويل الذكاء الاصطناعي من فرصة محفوفة بالمخاطر إلى رافعة قوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في القارة.
إن أفريقيا اليوم أمام اختبار حقيقي: إما أن تُحسن استغلال الذكاء الاصطناعي لتعزيز الشمول المالي والابتكار، أو أن تبقى رهينة للفجوات والتحديات. الطريق ليس سهلًا، لكنه ممكن إذا تضافرت الإرادة السياسية مع الاستثمار في الإنسان قبل التقنية. عندها فقط، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح أداة للتحرر الاقتصادي، لا مصدرًا لمخاطر جديدة.