بيت الطاعة”.. قانون يحتاج إلى مراجعة عاجلة

بيت الطاعة”.. قانون يحتاج إلى مراجعة عاجلة

بقلم: طه المكاوي

ما زالت نصوص قانون الأحوال الشخصية المصري تحتفظ ببند “بيت الطاعة”، وهو النص الذي يعود إلى قانون سنة 1929 وما تلاه من تعديلات، ويسمح للزوج بإنذار زوجته للعودة إلى منزل الزوجية خلال 30 يومًا، وإلا اعتُبرت “ناشزًا” وسقط حقها في النفقة.

ورغم أن المجتمع المصري شهد تغيرات اجتماعية واقتصادية كبيرة، لا يزال هذا النص قائمًا، مما يجعله من أكثر المواد إثارة للجدل والانتقاد.

أداة ضغط وإذلال

ترى جمعية نهوض وتنمية المرأة أن “بيت الطاعة” لم يعد مجرد إجراء قانوني، بل أصبح وسيلة ضغط تُستخدم ضد الزوجة، حيث تتلقى الجمعية في إطار حملة “أمهات مصر خط أحمر” شكاوى واستغاثات عديدة من نساء أجبرتهن هذه المادة على البقاء في زيجات غير آمنة مليئة بالعنف والإهانة، أو دفعتهن للتنازل عن حقوقهن تحت وطأة التهديد بدعاوى الطاعة.

تناقض مع روح الشريعة

الأصل في الإسلام أن تقوم الحياة الزوجية على المودة والرحمة، كما جاء في قوله تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً” (الروم: 21).
والطاعة في المفهوم الشرعي تقوم على الاحترام والتفاهم، لا على القهر والإكراه. وإذا فقدت الزوجة الأمان داخل بيتها، فلها الحق في الامتناع عن العودة أو طلب التفريق، وهو ما يتجاهله نص القانون الحالي.

آثار نفسية واجتماعية

إبقاء الزوجة في علاقة قائمة على الإكراه له انعكاسات خطيرة:

تعزيز العنف الأسري: إذ يُجبر القانون المرأة على العيش في بيئة قد تهدد سلامتها الجسدية والنفسية.

اضطرابات نفسية: من قلق واكتئاب وشعور بفقدان الأمان.

تأثير سلبي على الأبناء: حيث ينشأ الأطفال في أجواء قهر وعدم مساواة.

إهانة علنية للمرأة: خاصة إذا تم تسليم الإنذار في مكان عملها أو في محيطها الاجتماعي.

مخالفة للدستور والاتفاقيات الدولية

ينص الدستور المصري على المساواة بين الرجل والمرأة وصون الكرامة الإنسانية، بينما يضع هذا البند الزوجة في موقع التابع الخاضع لإرادة الزوج وحده. كما أن استمرار “بيت الطاعة” يتعارض مع التزامات مصر الدولية، وعلى رأسها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).

المطالبة بالإلغاء

انطلاقًا من مسؤوليتها في الدفاع عن حقوق المرأة، تطالب جمعية نهوض وتنمية المرأة بما يلي:

إلغاء بند “بيت الطاعة” نهائيًا من قانون الأحوال الشخصية.

وقف أي إجراءات قانونية تُجبر الزوجة على العودة قسرًا إلى منزل الزوجية.

سنّ تشريعات تحمي المرأة من العنف الأسري وتضمن بيئة آمنة لها ولأبنائها.

نحو تشريع أكثر عدلًا

إن حماية الأسرة المصرية لا يمكن أن تتحقق بوجود نص يُهين المرأة ويضعها تحت رحمة إرادة الزوج. بل إن العدالة الحقيقية تبدأ من احترام كرامة الزوجة ومساواتها بالرجل داخل الأسرة والمجتمع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.