بنات مصر عاشوا مستورين.. وماتوا مرفوعي الرأس بقلم: وفاء عبد السلام

بنات مصر عاشوا مستورين.. وماتوا مرفوعي الرأس بقلم: وفاء عبد السلام

 

 

بنات مصر .. لم يطلبوا يومًا تعاطفًا ولم يركضوا خلف ترندات فارغة ولم يتسولوا الهدايا على البث المباشرة ولم يعرضوا أنفسهم للفرجة ولا لشفقة المتابعين بل عاشوا كما أرادوا: بكرامة وبصمت وبقلب مملوء بالعزة.

بنات مصر

لم يكونوا من نجوم “اللايفات” ولا من مشاهير “التيك توك” الذين يرقصون على أنقاض الكرامة ويبيعون ما تبقى من حياء مقابل إعجابات وهدايا افتراضية.

 

لم يبكوا أمام الكاميرات طلبًا لشفقة ولم يحكوا مآسيهم للعالم كأنهم مسلسل درامي رخيص.

 

كانوا بنات مصر الحقيقيات بنات الجدعنة والشقى فيهم المهندسة التي قضت عمرها بين الكتب والحلم بمستقبل مشرق وفيهم الممرضة التي كانت تسهر بجوار المرضى لتهوّن آلامهم وتمنحهم الأمل.

كلهم بنات شقيانة بتشتغل من الفجر وتحلم بزفة بسيطة مش أسطورية لكن فيها دفء وأمان وستر ورضا .

بنات كانوا يجمعون الجنيه فوق الجنيه من رغم وجود جمعيات استمرت شهور تعلن عن تجهيز عش زوجية “على قد الحال” ولكنهم لم يطلبوا منهم كثيرًا فقط استمرار فى الستر والراحة التى تاتى بعد التعب وضحكة من القلب فيها رضا .

 

كان شغلهم شاقًا ويوميتهم لا تتجاوز 130 جنيهًا. يعملون تحت شمس حارقة وفي بيئات صعبة لكن ما مدوش إيدهم ولا طلبوا صدقة من أحد كانوا رافعين رأسهم وهم أحياء ورحلوا كذلك.

 

ماتوا في حادث مأساوي لكن سيرتهم أطهر من أي شهرة زائفة موتهم فَضح الحياة اللي بتكافئ الصراخ وتنسى الصامتين موتهم وجّعنا لأنهم مثل آلاف البنات فى بيوت محترمة وشرفهم بيشتغل ويتعبوا.

لم يمتوا… بل خُلدوا اسماءهم

كل واحدة منهم كانت قصة كفاح قصة بنت فضلت الشغل على التنازل والستر على الشهرة والشقى على العجز بنات ماتوا مرفوعي الرأس وتركوا لنا دروسا في الكرامة والجدعنة والشرف.

رحمهن الله وجعل مثواهن الجنة…
ولم يطلبوا من أحدا يومًا يرد الجميل للطيبين الذين عاشوا مستورين وماتوا من غير دوشة لكن بكرامة لا يملكها كثير من الأحياء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.