بمناسبة يوم “السعودية الخضراء” .. زراعة أكثر من 70 مليون شجرة

بمناسبة يوم “السعودية الخضراء” .. زراعة أكثر من 70 مليون شجرة

.. وفاء عبد السلام

في ظل احتفاء المملكة العربية السعودية بيوم مبادرة السعودية الخضراء، نتأمل رحلةً بدأت قبل أربع سنوات، بإطلاق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في السابع والعشرين من شهر مارس 2021م؛ مبادرةَ السعودية الخضراء فنمت وأورقت وكَبِرت وأينعت، وأصبح حُلُم تحقيقها يقترب ويزداد نماءً واتساعًا يومًا بعد يوم وعامًا بعد آخر، حتى صارت راية تنضوي تحت مظلتها مئات المشاريع، التي مكَّنت وما زالت تُمكِّن لمستقبل أخضر وأكثر استدامة.

لم تمضِ إلا أشهر معدودات على إطلاق المبادرة حتى بدأت اﻟﺠﻬﻮد ﺗﺆﺗﻲ ﺛﻤﺎرها، وأضحى يُسمع صداها في كل منطقة حول المملكة؛ حيث أطلق المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر 7 مبادرات طموحة يسعى من خلالها إلى المساهمة في تحقيق مستهدفات مبادرة السعودية الخضراء، شملت أراضي الغطاء النباتي الواقعة تحت إشرافه، بما يسهم في تفعيل مشاركة مختلف فئات المجتمع في الجهود القائمة للتصدي لظاهرة تغير المناخ، ودفع عجلة الابتكار المستدام، وتسريع رحلة الانتقال الأخضر، ما يسهم في استعادة الوظائف البيئية الحيوية، وتحسين جودة الهواء، والحد من العواصف الغبارية والرملية، عبر زراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة؛ أي ما يعادل إعادة تأهيل أكثر من 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة واستعادة المساحات الخضراء الطبيعية.

زيادة الغطاء النباتي

تهدف المبادرة إلى زيادة الغطاء النباتي وتحسين جودة الحياة، وتوفير موائل طبيعية إضافية لأنواع الحيوانات المهددة بالانقراض، والمساهمة في التخفيف من الآثار والمخاطر الحالية لتغير المناخ (مثل الأحوال الجوية الشديدة والعواصف)، والمساعدة على استدامة الإنتاج المحلي، وتوعية جميع شرائح المجتمع بأهمية الغطاء النباتي ودوره في جودة الحياة والتخفيف من تغير المناخ وحماية التربة.

تأتي هذه المبادرة للمشاركة في تحقيق 100% من أهداف مبادرة السعودية الخضراء، والمساهمة في المبادرات العالمية الداعمة للحد من تدهور الأراضي وتعزيز الحفاظ على الموائل الأرضية. وقد تم الانتهاء من مشروع مبادرة السعودية الخضراء والخطة التنفيذية للتشجير خلال الأشهر الماضية؛ حيث أجابت الدراسة عن كثير من الفرضيات المهمة حول محاور التشجير الأربعة (البيئي، الحضري، الزراعي، وعلى جوانب الطرق السريعة وسكك القطارات)، مثل: عدد الأشجار، التي ستتم زراعتها، وأنواعها الملائمة، وأماكن زراعتها، واحتياجاتها من مصادر المياه المتجددة، ونسبة امتصاص الكربون، والتأثيرات المناخية وتكلفتها”، وذلك من خلال إجراء دراسات علمية وأبحاث ميدانية باستخدام أحدث تقنيات الحث، بالتعاون مع العديد من بيوت الخبرة العالمية والمحلية.

70 مليون شجرة حتى الآن

لقد كان إطلاق البرنامج الوطني للتشجير والخطة التنفيذية للتشجير بمثابة خارطة الطريق لزراعة 10 مليارات شجرة وثمرة جهود تُوِّجت بزراعة أكثر من 70 مليون شجرة حتى الآن؛ إذ يستهدف البرنامج زراعة 400 مليون شجرة بحلول عام 2030، و4.7 مليارات شجرة حتى 2060، وصولًا إلى زراعة 10 مليارات شجرة بحلول 2100، وتتضمن الخارطة خطة استراتيجية مصممة لتنمية الغطاء النباتي في جميع مناطق الموائل الطبيعية، كما ستشمل المدن، والطرق السريعة، والمساحات الخضراء؛ لضمان مساهمة الأشجار الجديدة في تعزيز صحة ورفاه سكان المملكة، الذين تعيش النسبة الأكبر منهم في المناطق الحضرية، وهو ما سيسهم في تقليل درجات الحرارة بمقدار (2.2) درجة مئوية وتحسين جودة الهواء.

بدأت الجهود بمبادرة الإدارة والتنمية المستدامة للغابات بحلول عام 2030؛ للحد من تدهور الغابات والمُحافظة عليها وحمايتها وإعادة تأهيل المتدهور منها، إضافة إلى زيادة الغطاء النباتي بإعادة تأهيل 348 ألف هكتار من مناطق الغابات المتدهورة وإعادة تشجير وديان المنطقة الوسطى والمواقع التي تعرضت لقطع الأشجار بشكل كبير، بزراعة 60 مليون شجرة محلية، مع الحرص على الإدارة المستدامة لمناطق الغابات، وحماية واستعادة الأنواع النباتية النادرة والمهددة بالانقراض من خلال حمايتها في مواقعها وإنشاء مشاتل متخصصة لإنتاجها.

 

إعادة تأهيل 8 ملايين هكتار من المراعي

وتهدف مبادرة الحفاظ على الغطاء النباتي واستعادته في المراعي خلال (المرحلة الأولى) إلى إعادة تأهيل ثمانية ملايين هكتار من المراعي في 26 موقعًا عبر المملكة، والتقليل من تأثير العواصف الرملية، وتحسين الصحة العامة، وتوفير حلول قائمة على الطبيعة لاحتجاز الكربون ومكافحة تغير المناخ، ومكافحة التصحر، والمساعدة على استعادة التنوع البيولوجي النباتي، وزيادة إنتاجية الثروة الحيوانية عبر تحسين كفاءة الإنتاج الحيواني من نظام الرعي التقليدي؛ (أي الرعي المستمر والمفتوح) والتحول إلى أنماط التربية الحديثة بالتزامن مع التنظيم التدريجي للرعي الجائر، وتخفيف الضغط على المراعي الطبيعية، ما سيسهم في تحقيق أهداف مبادرة السعودية الخضراء وحمايتها، ودعم المجتمعات المحلية، والأمن الغذائي.

تقليل انبعاثات الكربون بمقدار 4 ملايين طن

تهدف مبادرة تطوير الغطاء النباتي والبنية التحتية لـ 50 متنزهًا وطنيًّا إلى تقليل انبعاثات الكربون بمقدار أربعة ملايين طن، ومكافحة التصحر، واستعادة التنوع البيولوجي، وتوفير حلول قائمة على الطبيعة لاحتجاز الكربون ومكافحة تغير المناخ، والمساعدة على تحسين نوعية الحياة، وتعزيز أنشطة السياحة البيئية ودعمها، وتسهيل فرص الاستثمار ودعم اقتصاد المجتمعات المحلية، فضلًا عن إجراء دراسة تقييم بيئي واجتماعي اقتصادي للمواقع المحتملة؛ لتحديد المزايا النسبية لكل منها، والجدوى الاقتصادية والبيئية لتطوير البنية التحتية للمنتزهات الوطنية القائمة، وإنشاء متنزهات وطنية جديدة، إضافة إلى تطوير المتنزهات الحالية المستهدفة، وستسهم هذه المبادرة في تحقيق أهداف مبادرة السعودية الخضراء من خلال زراعة 10 ملايين شجرة.

وترمي هذه المبادرة إلى التعاون مع المحميات الملكية لزراعة سبعة ملايين شجرة برية في المحميات الملكية؛ بهدف توفير حلول قائمة على الطبيعة لاحتجاز الكربون ومكافحة تغير المناخ، ومكافحة التصحر واستعادة التنوع البيولوجي النباتي، والتقليل مِن انبعاثات الكربون بمقدار 2.8 مليون طن، والمساعدة على تحسين نوعية الحياة ودعم السياحة البيئية، ومن المخطط أن تسهم المبادرة في تحقيق أهداف مبادرة السعودية الخضراء.

وتتولى مبادرة إشراك القطاع العام في تنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر بالتعاون مع جهات القطاع العام إطلاق برنامج زراعة وترميم مدته 10 سنوات لزراعة وحماية 18 مليون شجرة محلية في المناطق الخاضعة لهذه الجهات؛ حيث يتمثل الهدف الرئيس لهذه المبادرة في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 7.2 ملايين طن، وتوفير حلول قائمة على الطبيعة لاحتجاز الكربون ومكافحة تغير المناخ، والمساعدة في تقليل تلوث الهواء، وتحسين جودته عن طريق امتصاص الملوثات، والمساهمة في تحسين نوعية الحياة، وتعزيز الممارسات المستدامة باستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، مع الحفاظ على النظم الإيكولوجية للأنواع المحلية المهددة بالانقراض، وستسهم المبادرة في تحقيق أهداف مبادرة السعودية الخضراء.

إشراك القطاع الخاص

وتُعنى مبادرة إشراك القطاع الخاص في تنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر بالتعاون مع كيانات القطاع الخاص بإطلاق برنامج زراعة وترميم مدته 10 سنوات من خلال زراعة وحماية 40 مليون شجرة محلية في المناطق الخاضعة لهذه القطاعات؛ حيث يتمثل الهدف الرئيس لهذه المبادرة في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 16 مليون طن مع الحفاظ على النظم الإيكولوجية للأنواع المحلية المهددة بالانقراض، وتوفير حلول قائمة على الطبيعة لاحتجاز الكربون ومكافحة تغير المناخ، والمساعدة على تقليل تلوث الهواء وتحسين جودته عبر امتصاص الملوثات، والمساهمة في تحسين نوعية الحياة، وتعزيز الممارسات المستدامة باستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، الأمر الذي سيسهم في تحقيق أهداف مبادرة السعودية الخضراء.

يشار إلى أن مبادرة “السعودية الخضراء” هي إحدى أكبر مبادرات إعادة التشجير في العالم؛ حيث تعكس التزام المملكة بالتصدي للتحديات البيئية المختلفة التي تواجه البلاد، بما في ذلك انخفاض معدلات هطول الأمطار ومساحة الأراضي الصالحة للزراعة ومناطق الغابات، كما أن الهدف الأساس من التشجير وهو زراعة 10 مليارات شجرة يُمثل (1%) من هدف التشجير العالمي، و(20%) من هدف زراعة (50) مليار شجرة، الذي حددته مبادرة “الشرق الأوسط الأخضر”.

مبادرة السعودية الخضراء

يذكر أن فعاليات مبادرة السعودية الخضراء، إنطلقت اليوم الأربعاء تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء السعودي في جلسته بتاريخ 19 مارس الجاري، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ، الذي حدّد يوم الـ27 من شهر مارس من كل عام يوماً رسمياً لـ«مبادرة السعودية الخضراء».

مبادرة طموحة

تُعد مبادرة السعودية الخضراء التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في مارس من العام 2021 هي مبادرة وطنية طَموحة تهدف إلى التصدي لتداعيات تغير المناخ، وتحسين جودة الحياة، وحماية البيئة، بما يعود بالفائدة على الأجيال القادمة.

تسعى المبادرة إلى توحيد برامج حماية البيئة وانتقال الطاقة والاستدامة في المملكة بهدف تحسين جودة الحياة من خلال تحقيق ثلاثة أهداف، الأول خفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويا بحلول 2030، والثاني زراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة، والثالث حماية 30 % من المناطق البرية والبحرية بحلول 2030.

ينبثق عن المبادرة عددًا من البرامج والمشروعات، وتُشرف على تنفيذ خطة مستدامة وطويلة الأجل للعمل المناخي، تدعم طموح المملكة المتمثل في تحقيق هدف الحياد الصفري بحلول عام 2060، عبر تبنِّي نموذج الاقتصاد الدائري للكربون، كما تعمل على تسريع رحلة انتقال السعودية نحو الاقتصاد الأخضر.

تقليل آثار التغير المناخي

ترسيخاً لقضايا البيئة محلياً ودولياً، تلعب الرياض دوراً رائداً في تقليل آثار التغير المناخي والانبعاثات الكربونية، بالنظر إلى مواردها وخبراتها الغنية في إدارة استقرار الطاقة عالمياً، حيث تُعد المملكة وفقاً لخبراء ومختصين، مؤهلة لقيادة حقبة جديدة من العمل المناخي، ومنذ إطلاق رؤية المملكة 2030 في عام 2016م، قطعت المملكة شوطاً طويلاً على صعيد تحقيق تطلعاتها لبناء مستقبل أكثر استدامة، فمنذ إطلاقها من قبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله -، أحرزت مبادرة السعودية الخضراء تقدماً كبيراً على صعيد جهود حماية البيئة وتسريع الانتقال في قطاع الطاقة وتنفيذ برامج الاستدامة عبر مختلف القطاعات، لتسهم بذلك في تحقيق أهدافها الشاملة المتمثلة في تخفيض الانبعاثات، وزيادة جهود التشجير واستصلاح الأراضي، وحماية المناطق البرية والبحرية.

ومن المنتظر أن تنظّم العديد من الجهات الحكومية فعاليات مرتبطة بـ«يوم مبادرة السعودية الخضراء» لإبراز جهودها في إطار المبادرة التي تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، وتشجير السعودية، وحماية المناطق البرية والبحرية، ما يساهم بالضرورة في تحقيق هدف زراعة 10 مليارات شجرة داخل السعودية، و40 مليار شجرة في جميع أنحاء المنطقة، ما سيخفض بالنتيجة الانبعاثات الكربونية حول العالم بنسبة 2.5 في المائة.

 

أكثر من 80 برنامجاً

منذ الإعلان عن مبادرة السعودية الخضراء، أُطلق أكثر من 80 برنامجاً مختلفاً لدعم هذه الأهداف ودفع عجلة النمو المستدام، باستثمارات تتجاوز قيمتها 700 مليار ريال سعودي. وحوّلت السعودية التزاماتها إلى إجراءات ملموسة من خلال توحيد جهود القطاعين الحكومي والخاص ودعم فرص التعاون والابتكار، كما تتجه نحو تحقيق طموحاتها المناخية الوطنية ودعم الأهداف العالمية في هذا الإطار.

وتستهدف المبادرات التشجيرية زراعة نحو 400 مليون شجرة بحلول عام 2030، بما يُعد نموذجا متجددا للاهتمام بالإنسان، فمن شأن زيادة المساحات الخضراء في السعودية (الحدائق والمتنزهات والغابات) أن يلطف الأجواء الحارة، ويخفض من درجات الحرارة، فضلا عن الإسهام في تعزيز الرفاهية الاجتماعية، بخروج الأفراد والأسر إلى الأماكن العامة للاستمتاع بالطبيعة الخلابة، ما يتيح فرصا للعناية أكثر بالصحة، وقد ساهمت المبادرات بالفعل حتى الربع الثالث من 2023 بـ«زراعة 43.9 مليون شجرة في مختلف أنحاء السعودية، واستصلاح 94 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة، وتحقيق زيادة بنسبة 300 في المائة في السعة الإنتاجية في خفض انبعاثات الكربون، وأكثر من 8 جيجاواط في السعة الإنتاجية لمشاريع الطاقة المتجددة».

 

استرداد البيئة الطبيعية

وفي سبيل تقوية التنوع البيولوجي وتعزيزه، واسترداد البيئة الطبيعية المحلية وزيادة نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30 في المائة، بلغت نسبة المناطق البرية المحمية 18.1 في المائة، ونسبة المناطق البحرية المحمية 6.49 في المائة، من إجمالي مساحة المملكة، ويجري العمل على تنفيذ 4 مبادرات ستسهم في زيادة نسبة المناطق البرية المحمية إلى أكثر من 21 في المائة، وزيادة نسبة المناطق البحرية المحمية إلى أكثر من 26 في المائة بحلول عام 2030.

ومنذ إطلاق مبادرة «السعودية الخضراء»، أُعيد توطين 1669 حيواناً مهدداً بالانقراض مثل المها العربي، وغزال الرمل، والوعل، في المحميات الطبيعية بالمملكة حيث تساعد هذه الحيوانات على تعزيز التنوع البيولوجي.

كما دعت المبادرة جميع أفراد المجتمع السعودي للمشاركة في فعاليات النسخة الأولى من «يوم مبادرة السعودية الخضراء»، وبالفعل هناك إقبالاً كبيراً من قبل أفراد المجتمع للمشاركة في مبادرات التشجير الجارية في مختلف أنحاء البلاد، حيث وصل عدد المتطوعين إلى 150 ألف شخص من مختلف شرائح المجتمع خلال العامين الماضيين، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا العدد خلال الفترة المقبلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.