بشّروا ولا تنفّروا ….. بقلم /احمد زايد

بشّروا ولا تنفّروا

احمد زايد

لقد أعزنا الله بالإسلام وأكرمنا بخير الأنام، فبعث لنا رسوله صلى الله عليه وسلم تحمل رسالته العظيمة كل معاني التبشير والتفاؤل وبث السرور والطمأنينة في النفوس. وذكر الله تعالى في مواضع كثيرة من كتابه بتبشير المؤمنين والصابرين والمحسنين والمخبتين(المتواضعين الخاضعين لربهم بخيرَي الدنيا والآخرة) والتبشير معناه التخلق والتحلي بالصفات التي تستدعي الاستئناس والارتياح والتحبب وبث الأمل والتفاؤل في القلوب والبعد عن أساليب (التنفير) ودواعي اليأس والإحباط وبث الأراجيف والشائعات المخيفة بين الناس مما يحزنهم ويصيبهم بالقلق والهلع فهذا منهج رسولنا الكريم فقد كان من أساليب تبشير رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يختار الوقت المناسب ليبشر أصحابه ويبث العزيمة والتفاؤل في نفوسهم ويحثهم على ذلك في أوقات الشدة والأزمات فيقول صلى الله عليه وسلم: «يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا» (البخاري) . ويحتاج الإنسان في حالات الاضطراب والقلق والصعوبات إلى التبشير بما يزيل عنه دواعي الاضطراب، فبعد نزول الوحي على رسول صلى الله عليه وسلم ذكر لخديجة رضي الله عنها ما جرى له، وأخبرها بخوفه على نفسه من هذه الظاهرة الجديدة، فبشرته بأن له من سابقة الخير ما يستبعد معها مكافأة بمكروه، فقالت: «كلا. أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبداً، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق» والمؤمن محتاج في الشدائد والأزمات إلى من يكشف همه، ويبشره بما يسره، إما بفرج عاجل، أو بأجر آجل. والمؤمن بشير في مواقف الأسى والشدة يسري عن الناس أحزانهم يبشرهم بالخير ويحثهم على حسن الظن بالله والاعتماد عليه في الأمور كلها ويبشرون بالخير في المستقبل بما يدخل البهجة إلى قلوبهم، ويبعد الكآبة عنهم ومبنى هذا الخلق وأساسه أن يكون المسلم مصدراً للفأل الحسن والأمل الواسع، والعاقبة الخيرة، فالنفس البشرية تسمو بأخلاقها وحسن سريرتها وتهافت الناس عليها من خلال الكلمة الطيبة والقول اللين. فليحذر المسلم ولا يساهم ولو بكلمة واحدة في احباط اخوانه ومجتمعه بنشر وتداول الرسائل التي تبث الرعب في النفوس وتحزن القلوب وتنشر الخوف في المجتمع والخوف على المستقبل والخوف من القادم فلابد أيها المسلم أن تحرص على التبشير لأهلك وإخوانك وكل من حولك بكل خير وبث الطمأنينة في نفوسهم. فشتان بين أن يكون الشخص مصدر شؤم، ومظنة تخذيل، وإحباط أو تنفير، أو قتل للقدرات؟ وأن يكون مصدر البشرى.. فيجب علينا ان ننشر التفاؤل ونحي النفوس ونحث على الخير، ونعن على المعروف، ونستنهض الهمم إلى أن يكون كل منا بشيراً لإخوانه يحيي فيهم الأمل ويدفعهم إلى مزيد من العمل الذي ينفعهم وينفع دينهم ووطنهم وأمتهم.
ومن ملامح التبشير في هديه صلى الله عليه وسلم :
1- استعمال أساليب التبشير في إيقاظ الهمم والتنشيط للطاعة، «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة»
2- حرصه صلى الله عليه وسلم على إزالة دواعي القلق على مستقبل هذه الأمة «بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض»
3- كان صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرًا على جيش أو ولى شخصًا ولاية أوصاه بتقوى الله والرفق والتيسير، وذلك حين بعث أَبا موسى ومعاذًا، إِلى اليمن فقال: «يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وَتطاوعا» حرص النبي الكريم أن يقدِّم دائمًا البشرى للناس، لهذا الدِّين الخاتم، ويجعله حلًا لمآسيهم ومشكلاتهم، لأنه كما وصفه ربُّه تبارك وتعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 15]. اجعلوا طريقكم دائمًا البشارة، بشِّروا أنفسكم، وبشِّروا غيركم؛ فإذا عمِلت عملًا فاستبشر وبشِّر نفسك، وإذا عملت عملاً صالحًا، فبشِّر نفسك بأنه سيُقبَل منك إذا اتَّقيت الله فيه؛ لأ‌ن الله يقول: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]، وإذا دعوت الله فبشِّر نفسك أن الله يَستجيب لك؛ لأن الله – سبحانه وتعالى قال: “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ” (غافر60) وفى ختام مقالتي يجب علينا أن نشيع البشرى وننشر التفاؤل ونحرض على الخير، ونستنهض الهمم، ونعين على المعروف، ونحيي الأمل في النفوس، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى، وأن يستعملنا في طاعته، وأن يجعلنا ممن نصر بهم دينه، وأن يرزقنا جنات نعيم، ويعتق رقابنا من نيران الجحيم. اللهم أدخل على قلوب المؤمنين السرور، وأغن منهم كل فقير، وأشبع كل جائع، ورد كل غائب، وفك كل أسير، واشف كل مريض، وفرج عن كل مكروب، وأدِّ الدين عن كل مديون. سبحانك اللهم إنا إذا عبدناك فإنما نعبد رباً عظيماً وإذا سألنك فإنما نسأل رباً كريماً وإذا رجوناك فإنما نرجو رباً رحيماً وإذا طمعنا فيما لديك، فإنما نطمع في فضل رب عظيم كريم رحيم فبشروا ولاتنفروا.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.