الوعي الجمعي للأفراد في التعامل مع الأزمات حتى الخروج منها

الوعي الجمعي للأفراد في التعامل مع الأزمات حتى الخروج منها

الوعي الجمعي للأفراد في التعامل مع الأزمات

في الفترات التي يشهد فيها مجتمع ما ظروف غير إعتيادية نتيجة لمشكلات سياسية أو إقتصادية ، يعيش الجميع حالة من فقد الاتزان و يصبح التنبؤ بوقت الخروج من هذه الحالة صعب .

قراءة هادئة للكاتبة نسرين معتوق

لأن مثل هذه الفترات و فضلاً عن غموض مداها الزمني ، فإنها تتسم أيضاً بالغموض بشأن ما ستخلفه من نتائج سلبية كانت أو إيجابية أو كلاهما مجتمعين – و في الواقع ذلك هو الأغلب تحققاً – و كثيراً ما كانت النتائج على الأرض تُفَاجأ الجميع حتى أعظم المحللين تقديراً .

أيضا:البنية الإجتماعية ما بين الحاضر و الماضي .. هل يمكن أن نلتقي ؟؟

اضطرابات واسعة المدى

ولأن مثل هذه الاضطرابات كما سبق و أن ذكرت واسعة المدى ، فهي و لا محالة ستلقي بظلالها على الجميع و ستؤثر على أبسط الجوانب الحياتية للأفراد داخل المجتمع ، بمختلف انتمائتهم الطبقية سواء مادياً أو اجتماعياً .

و هنا أنا لا يعنيني بحث تلك الاضطرابات السياسية أو الأزمات الإقتصادية العالمية بذاتها ، ذلك لأن بخلاف ضخامة مثل تلك القضايا لتعدد جوانبها ، فإن لها و فضلاً على ذلك محلليها و متخصصيها و أنا لست منهم ..
أنا هنا أهتم بالإنسان و أبحث شؤونه .

و لا شك بأن ذلك النوع من الأحداث و أياً ما كانت أسبابه و بالتبعية سيطال و يلقي بظلاله على كل الأفراد داخل تلك المجتمعات التي تتعرض لتلك الظروف و الأوضاع الاستثنائية .

و يبقى الأسوء و هو أن يسقط الفرد تحت سقف من الضغط النفسي و الشعور بعدم الأمان و القلق المزمن بإتجاه المستقبل ..
و الحقيقة فإنه لا أخطر من ذلك على مستقبل و حياة إنسان و بالتالي على مستقبل و حياة مجتمع .

المزيد:الاضطرابات السلوكية و الانفعالية كسبب بارز لصعوبات التعلم لدى الأطفال و المراهقين

تاريخ المجتمعات و الشعوب

في رؤيتي و رغم صعوبة مثل تلك الحِقبات من تاريخ المجتمعات و الشعوب إلا أنه من الإستحالة أن تستمر مثل تلك الفترات و على نفس الوتيرة لفترة زمنية طويلة ، و ذلك لسبب بسيط و هو أن الثبات كعامل ليس من معطيات هذه الحياة و هو خارج عن سيطرة الجميع أفراد و حكومات ، و عليه فإن كل شيء في هذه الحياة لابد و أن يخضع في العموم لمنحنى الصعود تارة و الهبوط تارة أخرى و بالتناوب ..

و فقط استيعاب ذلك جيداً من قبل الأفراد سيحد كثيراً من الأثار السلبية النفسية التي تسيطر عليهم في مثل تلك الظروف ، و هو ما من شأنه أن يزيح المجال قليلاً للعقل و التفكير بايجابية حتى في الأوقات الصعبة ، و هذا بالتحديد أكثر ما هم بحاجة إليه في مثل تلك الأزمات .

و سيبقى المؤثر الوحيد القادر على فرض نفسه و تقديم تغيير حقيقي في المعادلة ( بالذات عندما يأخذ المنحنى إتجاه الهبوط ) هو الإستمرار في العمل ،
حيث أن مواصلة العمل هنا لن تكون خيار بقدر ما ستكون هي الطريقة الوحيدة للتحرك من نقاط الهبوط من جهة و من جهة أخرى ستكون هي الطريقة الأمثل للحد من النتائج السلبية المرتبطة السقوط نفسه .

و سيكون لقدرة كل فرد على إستيعاب لما هو متغير حوله دور رئيسي في تقليص حجم الخسائر شخصياً و من ثَم مجتمعياً .

ببساطة أكثر و دقة .. سيبقى وعي الأفراد و عدم الاستسلام لمشاعر الإحباط المرافقة – و هي بالمناسبة طبيعية جداً – للفترات الصعبة من تاريخ المجتمعات هو العامل الوحيد و الإيجابي الذي سيؤدي للخروج من مثل تلك الأزمات بأقل الخسائر و بأسلم الطرق و في أقصر مدى زمني ممكن ، ذلك الوعي الجمعي الذي سيختار العمل الحقيقي كسبيل للحل ، بعد أن يكون قد استوعب جيداً الأزمة و أيقن بوحدة مصير الجميع .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.