الوطن هو مصدر الشعور بالهوية والانتماء العميق فهو ليس مكانًا نسكنه بل روحًا تسكننا
بقلم / نولا رافت
الوطن ليس مجرد حدود على الخريطة، ولا علم يرفرف فوق المباني الحكومية، ولا نشيد يُردَّد في المناسبات فقط. الوطن هو ذاكرة متجذرة فينا، هو رائحة الخبز أول الصباح، وصوت الأذان أو أجراس الكنائس، وضحكات الأطفال في الأزقة، وحنين الغائب حين يشتد عليه الشوق.
الوطن هو أنت وأنا
الوطن ليس شخصًا غريبًا ننتظر منه أن يعطينا، بل هو انعكاس لكل فرد منا. في أيدينا نحن أن نبنيه أو نهدمه، أن نرفع قيمته أو نثقل كاهله بالإهمال. الوطن لا ينهض بالحكام وحدهم، بل ينهض حين يؤمن أبناؤه أنهم جزء من معادلته الكبرى، وأن كل جهد صغير يصنع فرقًا.
الغربة تكشف قيمة الوطن قد نغضب من أوطاننا، وقد نعاتبها، لكننا حين نغادرها ندرك أنها جزء من ملامحنا. الغربة تعلمنا أن الوطن ليس شوارعًا وأبنية فحسب، بل هو إحساس بالانتماء لا يُشترى. هناك دائمًا لحظة فارقة، ربما في مطار بعيد أو بين غرباء، حين يخفق قلبك لمجرد سماع كلمة “بلدك”، فتدرك أن الوطن يسكنك مهما ابتعدت.
الوطن ليس مثاليًا الوطن ليس لوحة مثالية بلا عيوب، بل هو كيان حيّ مليء بالتناقضات: فيه الجمال والقبح، فيه الإنجازات والإخفاقات. لكن محبته الحقيقية تكمن في أن نقبله كما هو، ثم نسعى لإصلاحه لا للهروب منه. فالوطن ليس فكرة رومانسية نحتفظ بها في القصائد، بل مسؤولية مشتركة نتحملها جميعًا.
التضحية لأجل الوطن
منح الوطن لا يكون بالكلمات وحدها. الوطن يحتاج إلى جهد يُبذل في التعليم، وصبر يُبذل في العمل، وأمانة تُبذل في المواقف الصغيرة قبل الكبيرة. كل من يزرع خيرًا في وطنه هو جندي مجهول يحميه من الانهيار.
في النهاية…الوطن ليس المكان الذي نعيش فيه فحسب، بل هو الروح التي تعيش فينا. هو الحكاية التي نرويها لأبنائنا، والأمان الذي نبحث عنه حين تضيع الطرق. قد نختلف على تفاصيله، وقد ننتقده بمرارة أحيانًا، لكننا لا نملك إلا أن نحبه، لأن الوطن في النهاية…
هو نحن الوطن هو الذكريات هو الكرامة هو الاعتزاز