المرونة النفسية سر القوة الهادئة لعبور التحديات وصناعة حياة أكثر سلاماً

المرونة النفسية سر القوة الهادئة لعبور التحديات وصناعة حياة أكثر سلاماً

بقلم /جيهان ايوب

في لحظات الانكسار، يظن الإنسان أن نهايته هنا، عند نقطة الألم. لكن الحقيقة أن بداخلنا طاقة خفية تسمى المرونة النفسية، هي التي تعيدنا إلى الوقوف، إلى المحاولة، إلى استعادة النور بعد العتمة.

المرونة النفسية ليست مجرد مهارة نتعلمها، بل هي حالة وعي داخلية تجعلنا نرى الصعاب بشكل مختلف. إنها القوة التي تحول التجارب المؤلمة إلى مساحات للنمو، وتحوّل الهزيمة إلى دعوة لاكتشاف قدراتنا الأعمق.

نحن نميل إلى الاعتقاد أن السعادة مرتبطة بعدم مواجهة مشكلات، لكن الحقيقة أن الحياة مليئة بالتحديات، وأن سرّ العيش بسلام يكمن في طريقة استقبالنا لها. هنا يأتي دور المرونة النفسية: أن نسمح لأنفسنا بالشعور، ثم ننهض بخطوات هادئة نحو التغيير.

المرونة لا تعني أن نتجاهل الألم أو نكبت مشاعرنا، بل أن نسمح لها بالمرور من خلالنا دون أن تُحطّمنا. إنها تشبه شجرة الخيزران؛ تنحني مع الرياح لكنها لا تنكسر. كل تجربة صعبة تمر بنا، تحمل بين طياتها فرصة لنضج جديد، إذا اخترنا أن نراها بعين الوعي لا بعين الخوف.

ولكي نبني مرونتنا النفسية، هناك مفاتيح صغيرة لكنها عميقة الأثر:

أن نصادق مشاعرنا بدل محاربتها.

أن نبحث عن الدعم، حتى لو بكلمة صادقة من شخص نثق به.

أن نسمح لأجسادنا بالراحة والنوم، لأن الإرهاق يهدم أي صلابة داخلية.

أن نتمسك بالمعنى، أي أن نطرح على أنفسنا السؤال: “ما الذي يمكن أن أتعلمه من هذه التجربة؟”

حين نعيش بهذه الروح، نصبح أقل قسوة على أنفسنا وأكثر حناناً مع قلوبنا. نصبح قادرين على السير في الحياة بخطوات ثابتة، مهما كانت الرياح قوية.

المرونة النفسية لا تُبنى في يوم وليلة، لكنها تُنحت في أعماقنا مع كل تجربة نختار أن نواجهها بوعي. وفي النهاية، ندرك أنها ليست مجرد مهارة للحياة… بل هي فن البقاء متصالحين مع ذواتنا، وصانعين لسلامنا الداخلي رغم كل ما يحدث حولنا.

جيهان ايوب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.