المتحف المصري الكبير.. مصر تحاور العالم بلغتها الأبدية

كتب:هاني سليم 

المتحف المصري الكبير.. مصر تحاور العالم بلغتها الأبدية

منذ آلاف السنين، لم تتحدث مصر إلى العالم بالكلمات، بل بالحجارة المنحوتة والتماثيل الصامتة والبرديات التي تسرد أسرارها بلغة لا يعرفها إلا من تأملها بقلبه. واليوم، في عصر التكنولوجيا والحداثة، تستعيد مصر لغتها الأبدية من جديد، ولكن في صورة معمارية فريدة هي المتحف المصري الكبير — المشروع الثقافي الأضخم في التاريخ الحديث، والبوابة التي تُعيد ربط الماضي بالحاضر في مشهد يليق بعظمة هذه الأمة.


صرح يليق بعظمة مصر

يقف المتحف المصري الكبير شامخًا على بعد أمتار من أهرامات الجيزة، وكأنه يكمّل الحوار الذي بدأه الأجداد منذ آلاف السنين. يمتد على مساحة نصف مليون متر مربع، ليصبح أكبر متحف أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة، ويضم أكثر من مئة ألف قطعة أثرية تروي قصة الإنسان المصري منذ فجر التاريخ حتى العصور اليونانية والرومانية.
التصميم المعماري للمتحف، الذي يمزج بين الحداثة وروح الحضارة، جاء ليُعبّر عن فلسفة مصر الجديدة — دولة تمتلك ماضيها بكل فخر، وتنفتح على المستقبل بكل ثقة. فكل زاوية في المتحف تمثل لوحة متقنة تُظهر كيف يمكن للتاريخ أن يعيش من جديد حين يلتقي الإبداع بالتكنولوجيا.

توت عنخ آمون.. الملك الذي لا يموت

في قلب المتحف، يتربع جناح الملك الذهبي توت عنخ آمون، الذي سيُعرض لأول مرة بكامل مقتنياته الفريدة — أكثر من خمسة آلاف قطعة أثرية نُقلت بعناية مذهلة من المتحف القديم في التحرير.
هنا، يلتقي الزائر بالملك الشاب في رحلة تفاعلية تحاكي تفاصيل حياته، من عرشه الذهبي إلى أدواته اليومية ومجوهراته المهيبة، وسط تقنيات عرض ثلاثية الأبعاد وصوتيات رقمية تُعيد الحياة إلى تلك اللحظات التي عاشها الفراعنة قبل آلاف السنين.
بهذا الجناح، تُرسل مصر رسالة إلى العالم مفادها أن حضارتها ليست ذكرى تُروى، بل حياة تتجدد مع كل جيل.

رؤية الدولة.. الحضارة كقوة ناعمة

إدراك القيادة السياسية لأهمية المتحف المصري الكبير لم يكن مجرد اهتمام بالآثار، بل رؤية استراتيجية شاملة تستثمر في التراث كقوة ناعمة تُعزز مكانة مصر عالميًا.
فهذا المشروع العملاق، الذي وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي بمتابعته خطوة بخطوة، يجسد مفهوم “الجمهورية الجديدة” التي لا تكتفي بالتنمية الاقتصادية فقط، بل تبني الإنسان والهوية من خلال الثقافة والفن والمعرفة.
كما يمثل المتحف نقطة انطلاق لنهضة سياحية وثقافية واقتصادية ضخمة، بفضل موقعه الاستثنائي وتكامله مع مشروعات تطوير هضبة الأهرامات وشبكات الطرق والمواصلات الحديثة.

مصر تتحدث إلى العالم

افتتاح المتحف المصري الكبير لن يكون مجرد حدث أثري، بل احتفال عالمي بالهوية المصرية التي أثبتت قدرتها على الجمع بين الأصالة والتطور.
فبين جدران هذا الصرح العملاق، تتحول الحجارة إلى رسائل، والتماثيل إلى شهود على حضارة أبدية تقول للعالم: هنا مصر… حيث بدأ التاريخ، وحيث لا يزال يُكتب من جديد.
إنه حوار بين العصور، تجريه مصر بلغتها الأبدية — لغة الحضارة التي لا تُترجم، لأنها مفهومة في كل زمان ومكان.

المتحف المصري الكبير ليس مجرد متحف، بل بيان ثقافي للعالم كله. إنه إعلان بأن مصر لا تزال تقود بتراثها، وتُبدع بعقلها، وتبني بمجدها.
فحين تفتح أبواب المتحف رسميًا، ستفتح معها بوابة جديدة للتاريخ، تؤكد أن مصر لا تحفظ ماضيها فقط، بل تصنع منه مستقبلها، وتخاطب العالم بلغة لا تنقرض… لغة الخلود.

المزيد: نوال الزغبي تزداد حلاوة علي ايد بنتها تيا ديب .. هكذا فعلت بها

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.