الجلابية.. فخر يروي حكاية مصر..رمز أصالة لا يندثر

الجلابية.. فخر يروي حكاية مصر..رمز أصالة لا يندثر

 

حين تتأمل ما آلت إليه الحياة الحديثة، تدرك أن كثيرًا من ملامحها تراجع مقارنة بما كان عليه الماضي، حتى وإن فرضت علينا طبيعة العصر هذا التبدّل.

بقلم / إيمان سامي عباس

وفي خضم هذا التغير، تطفو على السطح مواقف تكشف غياب الوعي والذوق، كان أبرزها ما حدث مؤخرًا من تنمّر إحدى المدونات على رجل وزوجته أثناء زيارتهما المتحف المصري الكبير بزيّهما الشعبي “الجلابية”.
ذلك المشهد لم يكن إلا دليلًا على جهلٍ بقيمة التراث المصري الأصيل، لأن “الجلابية” ليست مجرد قطعة قماش، بل رمزٌ لعراقة تمتد جذورها في أعماق التاريخ المصري، تعانق فيها الحضارة روح البساطة والأصالة.

الجلابية حكاية وطن

“الجلابية” هي الزي الأصيل لأهالي الصعيد والفلاحين، وعنوانٌ لهوية المصريين عبر العصور. فغالبية الشعب تنحدر من جذورٍ ريفيةٍ بسيطة، والجلابية تعكس هذا العمق الإنساني الذي يجمعنا.
هي كأغاني عبد الوهاب وأم كلثوم، تسكن وجداننا رغم مرور الزمن، باقية ما دامت قلوب المصريين تنبض بالحب والانتماء. فكما كان الفن في الماضي راقيًا يُهذّب الذوق العام، كانت الجلابية وما زالت رمزًا للرقي البسيط، تشهد على حضارةٍ صاغت المجد والتاريخ بعزّة وكبرياء.


لقد نسجت من خيوط العادات والتقاليد وطين الأرض ونبض النيل، فكانت مرآةً لكرامة الإنسان المصري وأصالته.

تراث يجب أن يُحترم

للأسف، نجد اليوم قرارات وتعليمات في بعض الأندية والفنادق وقاعات المناسبات تمنع دخول من يرتدي الجلابية، حتى وإن كان صاحب الحفل نفسه، وكأنها تهمة لا رمز شرف!
هذه القرارات لا تُهين الزي فحسب، بل تُهين جزءًا من هويتنا الوطنية، وتشكل خطرًا على نسيج المجتمع لأنها تزرع التفرقة وتغذّي الفتنة.
لماذا نحاول القضاء على ما ميّزنا عن غيرنا؟ أليست الجلابية جزءًا من حضارتنا التي افتخر بها العالم؟
إن احترام التراث المصري واجب على الجميع، لأنه أساس القيم التي قامت عليها حضارتنا منذ آلاف السنين.

فمن يسخر من هذا الزي الأصيل، عليه أن يعود إلى جذوره، إلى القيم التي تحض على الحياء والاحترام، بدلًا من الترويج للانحلال تحت ستار الحرية.
ستظل الجلابية عنوان الأصالة، وستبقى الأخلاق والتراث هما عماد الأمم، وركيزة تقدمها الحقيقي.

كاتبه المقال/ إيمان سامي عباس

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.