استراتيجية مقترحة للحد من عودة السوق الموازي للنقد الأجنبي في مصر 

استراتيجية مقترحة للحد من عودة السوق الموازي للنقد الأجنبي في مصر 

بقلم الدكتور/ ياسر حسين سالم
الخبير الاقتصادي والمالي

 

عانت مصر منذ فتره قريبه قبل إبرام صفقة راس الحكمة من ازمه اقتصاديه كبيره تمثلت في الفجوه الكبيره في النقد الأجنبي وتمثلت أهم صوره من صور الازمة.

في سعر الدولار السوق السوداء الذي وصل الي ضعف سعر دولار البنك غير المتوفر وغير المتاح في تلك الفتره الصعبه ، ومشكله السوق السوداء ذاتها تكون غير ذات خطوره اذا كانت الفجوه اقل من 10% في الفارق بين سعري البنك وسعر السوق الموازي.

ولكن يكون مكمن الخطوره الكبيره في عدم اتاحه وتوفير الدولار بالبنوك مما يترتب عليه اتساع الفجوه السعريه بين سعر دولار البنك غير المتوفر وسعر دولار السوق السوداء و الذي تخطي كل التوقعات ووصل الي الضعف تقريبا قبل توقيع صفقه راس الحكمه التي دعمت الاحتياطي النقدي الاجنبي لدي مصر بمبلغ مماثل له في القيمه تقريبا .
وينشأ ميلاد السوق السوداء من مخاض عدم توفير الدولار في البنوك لتلبية طلبات استيراد أصحاب المصانع والمزارع والمتاجر ومعاقل الانتاج من اجل استيراد الآلات وقطع الغيار والمعدات ومستلزمات التشغيل و الخامات والبضائع لدوران عجلة إنتاج السلع والخدمات في كافة مواقع العمل والانتاج .

في مختلف الانشطه الصناعيه والزراعيه والتجارية والخدمية لتوفير حاجة الاستهلاك المحلي المتنوع من السلع والخدمات وللتصدير للخارج ايضا ، ومع عدم توفير الدولار في البنوك يكون ميلاد السوق السوداء حتمي واكيد بما تحمله من سلبيات وأضرار ومخاطر وأمراض تصيب الجسد الاقتصادي المصري كله .

مخاطر السوق السوداء

ومخاطر السوق السوداء للنقد الأجنبي في مصر كثيرة ومتعددة ومن أهم مخاطرها واضرارها واثارها السلبية الآتي :

اولا : تؤدي السوق السوداء للعملة الي تدفقات العملات الأجنبية بعيدا عن السوق الرسمية وبعيدا عن البنوك ، مع استمرارية السوق السوداء في امتصاص الغالبية من تحويلات المصريين في الخارج كمورد مهم للنقد الأجنبي للدولة .

ثانيا : تؤدي السوق السوداء للعملة الأجنبية الي الإفراط في الواردات عبر مسارات بنوك خارجية مع انخفاض في قيمة الصادرات مما يؤدي الي الضغط أكثر علي السوق الرسمي للعملات الاجنبيه .

ثالثا : استمرار السوق الموازي للعملة الأجنبية يشوه المنافسة ويجعل هناك حدوث امر سلبي وهو الحصول التفضيلي من العملة الأجنبية لطالبيها من البنوك في النظام الرسمي بعيدا عن التوازن وبعيدا عن العدالة في التعامل .

رابعا : السوق السوداء للعملة تعمل علي تراجع الاستثمار المحلي مع تعويق النمو مع ضبابية الحصول على العمله الأجنبية التي تكفي احتياج الشركات والأعمال للتشغيل مما يضرب الإنتاج المحلي في مقتل مع زيادة مخاطر الإنتاج والتشغيل .

خامسا : تؤدي السوق السوداء للعملة الأجنبية الي انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر ، لأن البلد الذي يوجد به سوق سوداء للعملة الأجنبية يتعامل معها الاستثمار الأجنبي بحيطة وحذر وترقب فالسوق السوداء تؤدي الي نفور الاستثمار الاجنبي لوجود عده أسعار للصرف الأجنبي داخل الدوله الواحده .

سادسا : تؤدي السوق السوداء الي تسعير المنتجات المحلية في الأسواق المحلية بسعر العمله الاجنبيه في السوق الموازي فيكون التسعير للمنتجات والسلع بذلك مشوه .

سابعا : تعمق السوق السوداء من ظاهره الدولره وتزيد من حده التضخم المستورد .

ثامنا : مع اتساع السوق السوداء ومع زيادة فجوة سعر الصرف بين البنوك والسوق السوداء يصبح السوق طاردا الانشطة الانتاجية والصناعية .

تاسعا : مع زياده نشاط السوق السوداء واتساعها فتعمل علي جذب شرائح كبيره من المواطنين الي الاستثمار في السوق السوداء للعملة بدلا من أنشطة استثمارية مشروعة مفيدة في الصناعة او الانتاج او السياحه او الزراعه .

عاشرا : الدول التي تزدهر بها سوق سوداء للعمله الاجنبيه ، ترتبط السوق السوداء للعمله بها وتتحد بانشطه إجراميه اخري مع تجاره العمله مثل تجاره السلاح وتجاره المخدرات والدعاره والإرهاب مما يزيد من الضغوط والمخاطر الاقتصادية والاجتماعية والأمنية علي الدولة .

وللقيام بمواجهه ومكافحة السوق السوداء للنقد الأجنبي وللحد من هذه الظاهره السلبيه تمهيدا للقضاء عليها نهائيا فاقترح انه واجبا اتباع الاستراتيجية التالية :

1_ لابد من انشاء مجلس اعلي لتحسين سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية ، مجلس مكون من الوزراء المختصين ومحافظ البنك المركزي وقيادات من البنوك مع قيادات امن قومي مع خبراء ورجال اعمال وتكون مهام عمل المجلس العمل علي تحسين مستدام في سعر صرف الجنيه المصري امام العملات الاجنبية .

2 _ أصبح مسار تحرير سعر صرف الجنيه هو المسار الحتمي والاجباري وأصبح واجبا عرض وتسعير البنوك للعمله الاجنبيه بسعر العرض والطلب دائما في مرونه ستؤدي لتوفير النقد الأجنبي وعرضه باستدامه في البنوك .

3_ توحيد دائم لسعر العمله الاجنبيه لابد منه ، فلابد من وجود سعر واحد للدولار في البنوك وفي الجمارك وغيرها .

4_ يجب في ضوء سعر صرف حر تلبيه البنوك للطلبات علي النقد الأجنبي المطلوبه من اصحاب المصانع والمزارع والمتاجر والمستوردين لعمليات استيراد منظمه وبحصص وبتوازن وبعداله علي اكبر عدد منهم من أجل عدم الاحتكار وضمان المنافسه في السوق فتتوفر السلع في الاسواق في مناخ تنافسي ويتراجع التضخم .

5_ يجب أن توازن وتعتدل الحكومة في الانفاق الدولاري علي الأولويات ، بمعني سداد الديون الخارجية والفوائد ثم تلبية طلبات الاستيراد للسلع الاستراتيجية يليها طلبات الاستيراد لمتنوع ومختلف السلع الاخرى .
6_ يجب أن يكون سعر الحصول علي الدولار من البنوك موحد لكافه الكيانات الحكومية في مصر وبسعر السوق الحر دون استثناء للحوكمة علي كل الجهات الحكومية .

7_ أصبح واجبا وملحا عدم الأقدام علي برامج قروض خارجية جديدة لمشروعات من الممكن تأجيلها في ظل الازمه المعاصرة والتي كانت احد أسبابها سداد أقساط الديون الخارجيه وفوائدها .

8_ الصرامه من البنك المركزي في إجراءات طبع العملة المحلية مع توسيع سلطة البنك المركزي في بيع العملات الأجنبية للبنوك بشكل مستدام ، والعمل باستمرار علي زيادة الاحتياطي النقدي المتنوع من العملات الأجنبية لدي البنك المركزي .

9_ العمل دائما علي جعل المعروض من العملة الأجنبية في البنوك يزيد عن الطلب قليلا .

10_ طرح اوعيه استثمارية الدولارية بالبنوك بشكل مستدام وبسعر عائد جاذب للمستثمر المحلي والعربي والأجنبي .

…. واري ان بتطبيق تلك الاستراتيجية ستكون لها مردود إيجابي سريع جدا جدا في زياده عوده تحويلات المصريين بالخارج وبقوه وبارقام كبيره كاهم رافد مهم للنقد الأجنبي في مصر مما سيحسن من الوضع الاستراتيجي وتقدير الموقف المصري الدولاري بسرعه مع انحسار السوق السوداء ومع تحسن مستمر لسعر الجنيه المصري مقابل النقد الأجنبي وانكساروتراجع وانحسار الديون الخارجيه والداخليه علي مصر مع تحسن مستمر في سعر الجنيه المصري ، وهذا الوضع ومع استقراره واستقرار توفير النقد الأجنبي بالبنوك مع السعر الحر ستتحسن اوضاع استيراد مستلزمات الانتاج مما سيؤدي لدوران انشطه الصناعه والانتاج المتنوع وتلبيه السوق المحلي مع التصدير المستدام الذي سيكون رافدا مهما ايضا ومع وجود سعر صرف موحد دائم سيكون هناك اضافه لرافد ثالث مهم وهو الاستثمار الاجنبي المباشر الذي سيجد بذلك البيئه جاذبه للاستثمار ، ومع الالتزام بهذه الاستراتيجيه مع سعر صرف مرن باستمرار ستتعافي وتقوي وتزداد عطائات الروافد الثلاث المذكوره وتتحد معها إيرادات السياحه وايرادات قناه السويس فتشكل خمسه روافد مهمه تمثل محاور عمليه التحسين المستمر في سعر صرف الجنيه امام العملات الاجنبية وأهم وسائل تجفيف السوق الموازي للعمله الأجنبية والحد منها وانحسارها بزيادة المعروض من العمله الاجنبيه عن الطلب بالبنوك تمهيدا للقضاء نهائيا علي السوق السوداء للنقد الاجنبي في مصر مع تعافي وتحسن مستمر للجنيه المصري في مواجهه مختلف العملات الاجنبيه .

بقلم الدكتور/ ياسر حسين سالم
المحاضر بالجامعات الخاصة والدولية
والخبير الاقتصادي والمالي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.