إصنع سعادتك بنفسك .. دليلك لحياة متوازنة مليئة بالهدف والمعنى

 

 

بقلم / إيمان سامي عباس

 

في زحمة الحياة المتسارعة، وبين ضغوط العمل، المسؤوليات، والمطالب اليومية، ينسى كثيرون أن السعادة ليست ترفًا بل حق أساسي، بل وضرورة من ضرورات العيش الجيد. لن تكون الحياة متوازنة إذا طغى جانب على آخر، ولا يمكن للإنسان أن يواصل العطاء في مهنته أو علاقاته أو أي مجال آخر إن لم يشعر بالرضا الداخلي والهدف الأسمى. لذا، أصبح من الضروري أن نُعيد التفكير في أسلوب حياتنا ونبحث عن ما يُسعدنا ويُعطينا الدافع للاستمرار.

 

 السعادة ليست حلمًا بعيدًا… بل خيار يومي

 

أول ما يجب أن نُدركه أن السعادة ليست حالة خارجة عن إرادتنا، بل هي شيء نبنيه ونُصنعه بأنفسنا. ابحث عن ما يُسعدك بصدق، وليس ما يُرضي الآخرين أو يرضي صورة نمطية عن “النجاح”. هل تحب السفر؟ اجعل من كل إجازة فرصة لاكتشاف مكان جديد. هل تستمتع بالموسيقى؟ لم لا تتعلم العزف على آلة لطالما أحببتها؟ هذه اللحظات الصغيرة هي التي تصنع فارقًا كبيرًا في حياتك.

 

السعادة لا تعني إنكار وجود الضغوط، لكنها تعني أن تخلق توازنًا داخليًا يساعدك على مواجهة هذه الضغوط دون أن تنهار أو تفقد شغفك بالحياة.

 

 ضع لحياتك هدفًا يتجاوز الوظيفة

 

العمل مهم، بلا شك، لكنه ليس الغاية القصوى في الحياة. المشكلة لا تكمن في العمل نفسه، بل في أن كثيرين يجعلونه محورًا وحيدًا لحياتهم، فينتهي بهم الأمر إلى فقدان المعنى، حتى وإن حققوا النجاح المهني.

 

وجود هدف شخصي أسمى يُحفّزك هو ما يُضفي على تفاصيل حياتك طعمًا مختلفًا. هل تحلم بامتلاك مشروعك الخاص؟ اجعل من عملك اليوم وسيلة لاكتساب المهارات والتمويل. هل تطمح للسفر حول العالم؟ خطط وادخر لأجل ذلك. الهدف لا يجب أن يكون ضخمًا منذ البداية، بل يكفي أن يكون واقعيًا، قابلًا للتنفيذ، ويمنحك إحساسًا بأنك تتقدم في حياتك نحو شيء تحبه.

 

 صحتك النفسية والجسدية أولًا

 

لا معنى لأي نجاح أو هدف إن لم تكن بصحة جيدة. الصحة ليست فقط خلوًّا من المرض، بل هي الشعور بالنشاط، الاتزان، والقدرة على الاستمتاع بالحياة. لذلك، لا تهمل نفسك من أجل العمل. النوم الجيد، التغذية المتوازنة، ممارسة الرياضة، وحتى الراحة النفسية، كلها أمور لا تقل أهمية عن أي إنجاز آخر.

 

تعلم أن تقول “لا” حين يكون ذلك ضروريًا، وخذ فترات راحة لإعادة شحن طاقتك. بعض الناس ينهارون بدنيًا ونفسيًا لأنهم يظنون أن الاستراحة ضعف، بينما هي في الحقيقة ضرورة بيولوجية ونفسية.

 احتفل بكل إنجاز.. ولو كان بسيطًا

 

ننتظر أحيانًا المناسبات الكبيرة لنشعر بالفرح: التخرج، الزواج، الترقية. لكن الحياة مليئة بإنجازات صغيرة تستحق الاحتفال أيضًا. الانتهاء من مهمة صعبة في العمل؟ مناسبة تستحق الاحتفال. أول كلمة قالها طفلك؟ مناسبة لا تُقدّر بثمن. نجاح صغير في مشروع شخصي؟ هذا هو طريق الإنجازات الكبرى.

 

الاحتفال لا يعني بالضرورة حفلات فخمة. أحيانًا يكفي أن تخرج مع أسرتك، أو تخصص لنفسك وقتًا خاصًا تكافئ فيه ذاتك. هذه اللحظات تبني مخزونًا من الفرح الداخلي يدعمك في مواجهة أوقات التحدي.

العلاقات الإنسانية: مصدر دعم لا يُقدّر بثمن

في خضم السعي نحو الأهداف، لا تنس أن العلاقات الإنسانية تُشكّل جزءًا جوهريًا من سعادتك. الأسرة، الأصدقاء، الزملاء، شركاء الحياة… جميعهم يشكلون شبكة دعم ضرورية. حافظ على هذه الروابط، وخصص وقتًا لمن تحب. لا تجعل مشاغل الحياة تسرق منك أجمل اللحظات مع من يهمك أمرهم.

 

اصنع الحياة التي تستحقها

 

الحياة لن تصبح فجأة أكثر لطفًا، لكن يمكنك أن تختار كيف تعيشها. ابحث عن ما يُشعل شغفك، خطط لأهدافك، اعتنِ بنفسك، واحتفل بكل تقدم تحرزه. لا تنتظر السعادة أن تأتي إليك من الخارج، بل ازرعها أنت في تفاصيل يومك، وفي اختياراتك الصغيرة قبل الكبيرة.

 

أنت وحدك المسؤول عن سعادتك، فلا تتنازل عنها ولا تؤجلها.

 

كاتبة المقال

الأستاذة / إيمان سامى عباس

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.