مصر تحقق قفزات غير مسبوقة في تمكين المرأة
مصر تحقق قفزات غير مسبوقة في تمكين المرأة
✍️ بقلم: طه المكاوي
تتصدر مصر المشهد الإقليمي في مجال تمكين المرأة، بعد أن حققت خلال السنوات الأخيرة قفزات نوعية في مؤشرات التمثيل السياسي والتمكين الاقتصادي والاجتماعي. وتشير دراسة حديثة لمركز فاروس للدراسات الإفريقية إلى أن هذه القفزات تعكس جهود الدولة في دعم مشاركة المرأة ضمن رؤية استراتيجية وطنية تمتد حتى 2030، مستندة إلى إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2017 عامًا للمرأة المصرية.
تمكين سياسي غير مسبوق
على المستوى السياسي، حققت مصر تقدماً ملموساً في مؤشر التمكين السياسي للمرأة، حيث ارتقت 49 مركزاً لتصل إلى المركز 85 عالميًا عام 2023. ويعكس هذا التقدم جهود الدولة لتعزيز مشاركة النساء في صناعة القرار وصياغة السياسات العامة.
التمثيل السياسي يتجاوز 25% وتقدم ملحوظ في بيئة العمل
خلال انتخابات مجلس النواب 2021، حصلت المرأة المصرية على 162 مقعدًا، متجاوزة الحد القانوني المقرر عند 25%، وهو إنجاز تاريخي على صعيد المشاركة النسائية في الحياة السياسية. وبالمقارنة مع دول شمال إفريقيا الأخرى، مثل المغرب وتونس، حيث تتراوح نسب تمثيل النساء في البرلمانات بين 20–30%، يمكن القول إن مصر تتصدر المنطقة من حيث التمثيل النسائي التشريعي.
تعزيز التمكين الاقتصادي وفرص العمل
على صعيد الاقتصاد وسوق العمل، تشير البيانات إلى تحسن ملحوظ في بيئة العمل، حيث ارتفعت مصر 50 نقطة لتسجل 75 نقطة عام 2024 في مؤشر سهولة وصول المرأة للوظائف وخلق بيئة عمل آمنة ومحفزة.
ورغم أن نسبة مشاركة المرأة المصرية في سوق العمل لا تزال عند نحو 18% عام 2024، إلا أن هذا الرقم يترافق مع تحسن نوعي في المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر الموجهة للمرأة، التي وصلت نسبتها إلى 46%، إضافة إلى ارتفاع نسبة المستفيدات من الإقراض متناهي الصغر إلى 69% بمعدل تعثر منخفض لا يتجاوز 1%.
وتشكل هذه المؤشرات انعكاسًا لجهود الدولة في دعم ريادة الأعمال النسائية وتعزيز استقلالية المرأة الاقتصادية، ما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة ويعزز دور نصف المجتمع غير المستغل بالكامل.
برامج اجتماعية ومبادرات إقليمية
كما تشمل جهود الدولة توسيع نطاق برنامج “تكافل وكرامة”، حيث وصلت نسبة النساء المستفيدات إلى 75% من إجمالي المستفيدين، ما يعكس إدماج النساء ضمن برامج الحماية الاجتماعية.
على الصعيد الإقليمي، أطلقت مصر مبادرة “المرأة الأفريقية والتكيف مع تغير المناخ” عام 2022، لتعزيز قدرة المرأة على مواجهة تحديات البيئة والتنمية المستدامة، ورفع قدراتها على المشاركة الفاعلة في اتخاذ القرار على المستوى القاري.
مقارنة دولية وإشارات مستقبلية
عالمياً، تتقدم مصر في مؤشر التمثيل السياسي للمرأة مقارنة بدول عربية وأفريقية عديدة، بينما تظهر تحديات أكبر في مؤشرات مشاركة النساء في سوق العمل، مقارنة بدول مثل جنوب أفريقيا وكينيا التي تجاوزت نسب المشاركة 30–35%.
وتتوقع دراسة مركز فاروس أن يصل تمثيل النساء في مجالس الإدارة بحلول 2026 إلى نحو 30%، فيما يظل الطريق أمام تعزيز التمكين الاقتصادي والاجتماعي طويلًا، بما يتطلب تكثيف البرامج التدريبية، وتحسين بيئة الأعمال، وتوسيع فرص التمويل للنساء الرياديات.
يمكن القول إن مصر حققت خطوات نوعية في تمكين المرأة سياسيًا واقتصاديًا، ما وضعها في موقع متقدم إقليميًا، لكنها تحتاج إلى مزيد من الإصلاحات الهيكلية لتعزيز مشاركة النساء في سوق العمل والاستفادة الكاملة من إمكانات نصف المجتمع. وتشير المؤشرات إلى أن الاستثمار في المرأة ليس فقط مسألة عدالة اجتماعية، بل أيضًا رافعة للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.