مسرح الطفل يستعيد روح أكتوبر في عرض” عبور وانتصار”

مسرح الطفل يستعيد روح أكتوبر في عرض” عبور وانتصار”

✍️ بقلم: طه المكاوي

حين يتحوّل التاريخ إلى ضوء ينبض فوق خشبة المسرح، وتستيقظ بطولات العبور في وجدان الأطفال كما لو أنها تُروى لأول مرة… ندرك أن الفن قادرٌ على إحياء الذاكرة الوطنية بأسلوب أكثر تأثيرًا من الكلمات.

هذا ما يفعله عرض “عبور وانتصار”؛ عملٌ يفتح بوابة فنية واسعة نحو أكتوبر المجيد، ليعيد الأبطال إلى الحياة أمام أعين الصغار، ويحمل إليهم رسالة خالدة: الوطن لا يُبنى إلا بالإيمان، والعمل، والانتماء.

أكتوبر.. ذاكرة وطن تُورَّث للأجيال

يظل انتصار أكتوبر المجيد صفحةً مضيئة في سجل الأمة، يجب أن تبقى حكاية تُروى ورسالة تُغرس في نفوس الأجيال الجديدة. فتعريف الأطفال بهذه الملحمة التاريخية يمنحهم ثقةً بوطنهم وجيشهم، ويغرس فيهم أن حب مصر ليس بكلمات تُقال، بل بعزيمة تتحقق وإرادة لا تنكسر. وهنا يأتي دور الفنون الموجهة للطفل التي تجعل التاريخ تجربة حيّة، يشعر بها الصغار ويتفاعلون معها، ليعرف كل جيل أن له دوره ومسؤوليته في صناعة المستقبل.

“عبور وانتصار”.. المسرح القومي للطفل يواصل رسالته الوطنية

في أجواء تفيض بالفخر والاعتزاز الوطني، يواصل المسرح القومي للطفل تألقه عبر العرض المسرحي “عبور وانتصار”، الذي يجمع بين الدراما والغناء والاستعراض، ليقدّم لوحة فنية متكاملة تستعيد بطولات حرب أكتوبر بأسلوب يجذب الكبار قبل الصغار.

العرض يأتي تحت إدارة الفنانة القديرة إيناس نور، مديرة فرقة المسرح القومي للأطفال، التي قدمت رؤية فنية متطورة تؤكد أن المسرح ما زال أحد أهم أدوات بناء الوعي وترسيخ قيم الانتماء. وقد أشاد الجمهور بدورها في دعم الفنانين الشباب ومنحهم مساحة للتعبير عن طاقاتهم، مما أضفى على العمل روحًا نابضة بالحماس والصدق الفني.

فريق عمل متألق ورؤية إخراجية واعية

العرض من إنتاج البيت الفني للمسرح، تأليف وإخراج محمد الخولي، وأشعار إبراهيم الرفاعي، وموسيقى وليد خلف، وديكور وملابس محمد هاشم، واستعراضات أشرف فؤاد، ومادة فيلمية من إعداد مينا إبراهيم، وتنفيذ ديكور ودعاية وليد فوقي، إلى جانب المتابعة الدقيقة من المخرج المنفذ أحمد شحاتة.

وقد تألق نجوم المسرح القومي للأطفال، ومن بينهم:الفنانة شيماء حسن ،منصور عبد القادر، أحمد أبو عميرة، محمد خليل، أيمن بشاي، محمد عبد الوهاب، عصام مصطفى، علاء النقيب، هاني عبد الهادي، خالد العيسوي، حسام حمدي، إيمان سالم، محمد عبد الفتاح، سكر شريف، محمود فراج، يوسف وليد.

وبرزت الفنانة شيماء حسن بأداء تمثيلي مؤثر جمع بين الحس الوطني والصدق الفني، ما جعل حضورها لافتًا بين جميع المشاركين.

وبرز الأداء اللافت للفنان الصغير يوسف وليد   الذى قدّم دوره بحساسية عالية وقدرة تمثيلية مميزة، جمع فيها بين العفوية والعمق، ليحصد إعجاب الجمهور كبارًا وصغارًا.

تفاعل جماهيري لافت وبهجة على وجوه الأطفال

شهدت القاعة حضورًا كثيفًا وتفاعلًا لافتًا منذ اللحظة الأولى وحتى إسدال الستار، حيث عبّر أولياء الأمور عن تقديرهم للمستوى الفني الراقي والرسالة الوطنية التي حملها العرض، بينما بدت على وجوه الأطفال مشاعر الدهشة والانبهار، وتفاعلوا مع الأغاني والمشاهد الوطنية بانسجام كبير، حتى رددوا الأغاني الوطنية في ختام العرض.

فقرة تحليلية: المسرح ودوره في بناء الوعي الوطني لدى الأجيال الجديدة

يمثل عرض “عبور وانتصار” نموذجًا حيًا لدور المسرح في تعزيز الهوية الوطنية لدى الأطفال. فعندما تُقدَّم قصص البطولة في قالب فني ممتع، تتحول إلى ذكرى راسخة في وجدان الصغار، وتصبح أداة فعالة لترسيخ قيم الانتماء والشجاعة والعمل الجماعي.
وفي زمن تتسارع فيه المعلومات وتتعدد فيه مصادر الترفيه، يظل المسرح منصة قادرة على الجمع بين التعليم والمتعة، وعلى تقديم محتوى يرتقي بالذوق العام ويحفظ للطفل ذاكرة وطنه بصورة مشوقة وعميقة.
وهنا يتجلى نجاح المسرح القومي للطفل في تقديم عمل لا يكتفي بالسرد التاريخي، بل يعيد إحياء الروح الوطنية في قلب كل طفل يشاهده.

رسالة تصل إلى القلوب

أكد عرض “عبور وانتصار” أن المسرح القومي للطفل لا يزال منبرًا فاعلًا للتنوير وترسيخ الهوية الوطنية، وأن الفن حين يكون صادقًا في رسالته قادر على أن يغرس في الأجيال حب الوطن والإيمان بقيم التضحية والانتصار.
إنه عمل يليق بذكرى أكتوبر الخالدة، ويليق بمسيرة المسرح القومي ودوره في تقديم فن راقٍ يحمل رسالة نبيلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.