بعد أيام من مأساة الـ19 فتاة .. الطريق الإقليمي يحصد أرواح 9 عمال جدد
بعد أيام من مأساة الـ19 فتاة .. الطريق الإقليمي يحصد أرواح 9 عمال جدد
الطريق الإقليمي... لم تمر سوى أيام قليلة على الفاجعة التي أودت بحياة 19 فتاة على الطريق الإقليمي بمحافظة المنوفية، حتى عاد شبح الموت ليخيم مجددًا على نفس الطريق، في حادث جديد أسفر عن مصرع 9 عمال زراعيين وإصابة 11 آخرين، جميعهم من أبناء القرى الباحثين عن لقمة العيش وسط الحقول.
الحصاد لم يكن فاكهة.. بل أرواح بريئة
تشابهت تفاصيل الحادثين المؤلمين، ليس فقط في الموقع أو طبيعة الطريق، بل أيضًا في هوية الضحايا، إذ كان معظمهم يعملون في مزارع الفاكهة. قادتهم الحاجة إلى العمل اليومي، لكن القدر رسم لهم نهاية مأساوية، وكأن الطريق الإقليمي بات مخصصًا لقطف الأرواح لا الثمار.
مأساة السنابسة.. حين ارتدت الأحلام الأكفان
في 27 يونيو الماضي، كانت قرية السنابسة على موعد مع حزن ثقيل، حين اصطدمت سيارة نقل ثقيل (تريلا) بميكروباص يقل 19 فتاة وسائقًا، أثناء عودتهم من العمل بمزرعة فاكهة. توفي الجميع في لحظة، ولم تكتب الحياة لفستان زفاف أن يُلبس، ولا لابن أن يرى أمه تكبر معه.
بعد 9 أيام.. الحزن يتكرر قرب قرية أخرى
وفي الأول من يوليو، وبينما لم تندمل بعد جراح الحادث الأول، وقع حادث تصادم آخر بين ميكروباصين على الطريق ذاته. وبحسب التحقيقات، انحرفت إحدى السيارتين إلى الاتجاه المعاكس، مما أدى إلى اصطدام مباشر، راح ضحيته 9 عمال وأصيب 11 آخرون بإصابات متفرقة.
استنفار طبي واسع.. ووزير الصحة يتابع التطورات
عقب الحادث، دفعت هيئة الإسعاف بـ18 سيارة مجهزة، وجرى توزيع المصابين على مستشفيات الباجور التخصصي، شبين الكوم العام، وأشمون المركزي. وأعلنت مديرية الصحة في المنوفية حالة الطوارئ القصوى، فيما أكد الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة، متابعته الدقيقة للحادث، مكلفًا نائبه الدكتور محمد الطيب بالتوجه ميدانيًا للإشراف على تقديم الرعاية اللازمة.
محافظ المنوفية يتدخل فورًا ويوجه بتقديم الدعم
تحرك اللواء إبراهيم أبو ليمون، محافظ المنوفية، إلى مستشفى الباجور لمتابعة حالة المصابين على الأرض، موجهًا بتوفير كل سبل الرعاية، والتنسيق الكامل مع الجهات المعنية، وإدارة غرفة الطوارئ بالشبكة الوطنية لمتابعة تطورات الحادث.
الطريق الإقليمي.. حصيلة دموية في ستة أشهر
وبحسب رصد أجرته صحيفة “الموقع”، شهد الطريق الإقليمي خلال النصف الأول من عام 2025 ما يلي:
يناير: انقلاب أتوبيس وسيارة ملاكي – 25 مصابًا
فبراير: تصادم نقل وميكروباص – 18 مصابًا
مارس: اشتعال مركبة – مصرع 4 ركاب
مايو: حادث نقل ثقيل – وفاة شخص وإصابة 15
يونيو: انقلاب ميكروباص – 11 مصابًا
27 يونيو: حادث الفتيات – 19 وفاة
1 يوليو: حادث العمال – 9 وفيات و11 إصابة
بإجمالي 34 وفاة و83 إصابة خلال 6 أشهر فقط.
شهود عيان: “الطريق لا يرحم والسرعة تقتل”
قال ناصر الزيات، أحد شهود العيان:
> “الطريق دا مبيشبعش دم، من كام يوم كنت شايف حادثة زي دي، السرعة والتهور هما السبب، السواقين لازم يخافوا ربنا”.
وأضاف بأسى:
“اللي بيشتغلوا في الزراعة دول ناس غلابة، بيدوروا على لقمة العيش.. مش لازم يدفعوا حياتهم تمنًا لها كل مرة”.
مطالب عاجلة: تأهيل الطريق وتشديد الرقابة
باتت الحوادث المتكررة على الطريق الإقليمي تُشكّل خطرًا كبيرًا، وتستدعي تحركًا حكوميًا عاجلًا لإعادة تأهيل الطريق، تركيب كاميرات رقابة حديثة، فرض غرامات صارمة على السرعة الزائدة، وإطلاق حملات لتدريب السائقين وتوعية العمال.
فالموت الذي يتربص بفقراء الريف لا يميز بين فتاة كانت تحلم بفستان الزفاف، أو عامل خرج فجراً ليعود في كفن.