الجلابية في متحف الحضارة أزمة مفتعلة أم دفاع عن الهوية المصرية؟
الجلابية مش مجرد لبس اتعود المصري يلبسه الجلابية علامة واضحة من علامات الهوية المصرية، وواحدة من القطع اللي بتحكي تاريخ الإنسان المصري في حياته اليومية، بعيدًا عن القصور والملوك والملابس الرسمية.
بقلم / داليا حسام

أصل الجلابية يرجع لقرون طويلة، وجذورها تمتد إلى بدايات العصر العثماني وما قبله، لما كان المصريون يرتدون “القميص الطويل” أو “الجُبّة”، وهي ملابس واسعة ومريحة صممت لتناسب طبيعة المناخ والعمل في الأرض والحقول.
ومع الوقت اتطورت القَصّة، وبقت الجلابية بالشكل اللي نعرفه النهارده، واسعة، طويلة، متينة، ومصنوعة من خامات تحتمل الحركة والشمس… عشان كده ارتبطت بحياة الفلاح والصعيدي، وبقت جزء من شخصيتهم وثقافتهم اليومية.
الجلابية المصرية كمان اتأثرت بالجغرافيا
في الدلتا بقت أخف وأنعم ولونها أفتح.
في الصعيد بقت أغمق وأثقل وأفخم في شكلها وملمسها.
وفي الواحات اتسعت أكتر لتناسب حرارة الصحراء.

يعني الجلابية مش مجرد “لبس ريفي
هي زي قومي غير معلن، تطور على إيد المصريين نفسهم، واتشكل حسب طبيعة حياتهم، وبقت رمز للوقار والرجولة والانتماء للأرض.
والأهم من كل ده… إن المصري كان دايمًا فخور بيها.
ملابس الملوك كانت تتغير حسب العصر والحكم،
لكن الجلابية فضلت ثابتة لأنها ملابس الشعب، وملابس الشعب مش بتختفي، لأنها بترمز للطبقة اللي بنت حضارة مصر كلها.
خلال الأيام اللي فاتت اشتعلت منصّات السوشيال ميديا بسبب واقعة بسيطة لكنها كشفت لنا قد إيه في ناس مش فاهمة تاريخ بلدها ولا قيمة تراثها.
القصة بدأت لما زائر مصري دخل مع زوجته متحف الحضارة وهو لابس جلابية… زيه الطبيعي اللي بيلبسه كل يوم، خصوصًا إنه من الصعيد.
المفاجأة كانت إن بعض روّاد السوشيال ميديا هاجموه بشدة، واتهموه إنه “مش لائق” و“ماينفعش يدخل المتحف بجلابية”.
وهنا السؤال الحقيقي: هو إحنا إزاي وصلنا لمرحلة إننا نقلل من لبس مصري أصيل؟

الجلابية لبس مصري مش مستورد
قبل ما نجاوب، لازم نعرف إن الجلابية مش دخيلة ولا دخلة “فلاحين” زي ما البعض للأسف بيقول
الجلابية جزء أصيل من حياة المصريين من مئات السنين، ولبسها
الفلاح المصري
الصعيدي
الحرفي
كبار العائلات
شيوخ القرى
وأهل النيل من شماله لحد جنوبه
يعني الجلابية مش بس “لبس ريفي”
الجلابية هوية… ورمز للبساطة والشرف والجدية.
ليه الناس هاجمت الراجل؟ ومين اللي غلطان فعلًا؟
الهجوم كان بسبب فكرة غلط زرعتها السوشيال ميديا في بعض العقول
إن الجلابية أقل من الملابس الحديثة… أو إنها “مش شيك”.
والحقيقة إن المشكلة مش في اللبس المشكلة في العين اللي مش شايفة قيمة نفسها.
اللي يدخل المتحف بجلابية
داخل بزي مصري حقيقي…
مش لابس براند ولا عامل شو
هو داخل بتراث بلده مش مستحي منه.
طيب هل الجلابية تقلل من شأن صاحبها؟
الإجابة: أبدًا… بالعكس.
الجلابية عمرها ما كانت دليل فقر ولا قلة قيمة.
هي كانت وما زالت:
زي رجولي محترم
رمز للوقار
دليل على التمسك بالأصل
وبرهان إن المصري ما يتنصلش من تراثه
لو الجلابية بتقلل من قيمة صاحبها
كان زمان شيوخ وعُمد الصعيد ما لبسوهاش…
وكانت اختفت، لكن الحقيقة إنها مستمرة لأنها محترمة وأنيقة بطريقتها الخاصة.
عشان كده هي مش مجرد لبس
هي قطعة بتشرح قصة حياة كاملة.
ولما راجل يدخل متحف الحضارة بجلابية
فهو داخل بزي بيعكس
أصله
مكانه
تاريخه
بيئته
وهويته اللي المتحف أصلاً معمول علشان يحافظ عليها!
المتحف مش هدفه اللبس… المتحف هدفه يحكي قصتنا
اللي حصل الأيام اللي فاتت كان فرصة نفهم منها إن المجتمع محتاج يراجع نفسه.
المتاحف في كل العالم يدخلها الزوار بالزي التقليدي لبلادهم…
لأن المتحف مكان بيعرف العالم إحنا مين…
مش مكان نلبس فيه بدل وكرافت عشان “نُعجب الناس”.

الخلاصة
الراجل اللي دخل بجلابية ما غلطش.
الجلابية مش لبس مُهين بالعكس، لبس محترم جدًا.
الهجوم اللي حصل سببه نظرة طبقية غلط.
الجلابية جزء مهم من الهوية المصرية اللي لازم نفتخر بيها مش نهرب منها.
اللي يقلل من قيمة اللبس… هو الجهل مش القماش.