الانتخابات.. بين ضجيج الادعاء وصمت العمل الحقيقي

 

بقلم/ إيمان سامي عباس

 

في كل موسم انتخابي، تتكرر المشاهد ذاتها، وإن تغيّرت الوجوه والشعارات. فما إن تُعلن القوائم الحزبية حتى تبدأ موجة من الجدل والصراخ، ويتحوّل السباق الانتخابي من ساحة تنافس شريف إلى ميدان اتهامات وبطولات وهمية. كأن الترشح أصبح إرثًا سياسيًا لا يُقاس بالكفاءة أو الثقة الشعبية، بل بالولاءات والعلاقات.

ما أسهل أن يطلق البعض اتهامات الظلم والمؤامرة، وما أصعب أن يُثبتوا أنهم أصلًا جديرون بثقة الناس! كثيرون يتحدثون عن “حق مسلوب” أو “تآمر حزبي”، بينما الواقع أن الجماهير لفظتهم منذ زمن، لأنهم لم يعودوا يرون فيهم ممثلين حقيقيين لقضاياهم، بل جزءًا من الأزمة نفسها.

 

 السياسة مسؤولية لا مسرحية

 

السياسة ليست نحيبًا على ما فات، ولا نواحًا على مقعد ضائع. هي مسؤولية كبرى تُبنى على العمل والقدرة على العطاء، لا على الشعارات أو الصور الدعائية. من ظن أن العمل النيابي وجاهة أو طريق للسلطة، فقد أخطأ فهم جوهر الخدمة العامة.

اليوم، لم تعد الشعارات البراقة تُقنع الناس، ولا الصور المبتسمة تخدعهم. المواطنون باتوا أكثر وعيًا، يفرّقون بين من يعمل لأجلهم حقًا، ومن يظهر وقت الدعاية فقط ثم يختفي بعد الفوز.

الميدان وحده يختبر الصدق

 

من يثق في جماهيريته، فليذهب إلى الميدان، إلى القرى والنجوع والأسواق، حيث تُقاس الشعبية بالعمل لا بالكلمات. الانتخابات لا تُكسب في المقاهي ولا على مواقع التواصل، بل في أرض الواقع بين الناس الذين يعرفون من ضحّى لأجلهم ومن استغل حاجتهم.

 

أما الذين اختاروا الصراخ بدل العمل، فليعلموا أن الصوت العالي لا يصنع مجدًا، وأن التاريخ لا يخلّد المتفرجين بل العاملين. الزمن تغيّر، والوعي الشعبي تجاوز مرحلة الشعارات، وصناديق الانتخابات وحدها من تقول الكلمة الأخيرة؛ فهي لا تجامل ولا تخون.

 

ومن أراد المجد فليصنعه بجهده، ومن أراد الاحترام فليمنحه لغيره قبل أن يطلبه لنفسه. فالميدان مفتوح أمام من يملك ضميرًا حيًا وإرادةً صادقة، أما من آثر البكاء على الأطلال، فليتأكد أن التاريخ لا يكتب أسماءهم بين صُنّاع التغيير، بل بين الهامشيين الذين اكتفوا بالكلام.

كاتبه المقال

إيمان سامي عباس

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.