اجواء الاعياد والافراح في مصر حاجه تانيه …
اجواء الاعياد والافراح في مصر حاجه تانيه …
بقلم… ايمان سامي عباس
هلت على أهل مصر الأعياد والأفراح بالجملة .. عيد القيامة المجيد .. شم النسيم .. عيد الفطر المبارك .. جاءت الأعياد بعد أيام التقوى والصبر.. فقد انتهى أسبوع الآلام وانقضى الصوم الكبير عند الاخوة المسيحيين وتم إنزال الستائر السوداء فى الكنيسة واستبدالها بالستائر البيضاء رمز التفاؤل والمحبة ودليل انتهاء فترة الأحزان والحداد وبدء أفراح الاحتفال بعيد القيامة المجيد.
.. ومر عيد الربيع « شم النسيم » الذى يحتفل به جميع المصريين ويخرجون إلى الهواء الطلق فى الحدائق وعلى الشواطئ وضفاف النيل .. صحيح معظمهم هـذا الـعـام بمناسبة رمـضـان لـم يأكل الفسيخ والرنجة والبصل الأخضر والملانة والخس ولكنها عادات مؤجلة لبعد الإفطار !! .
.. واليوم يفرحوا المسلمون بعيد الفطر المبارك وانتهاء شهر الصبر ليفوز من صام وقام بالجائزة .. ويلعب الأطـفـال ويلهو الشباب ويـأكـل الجميع الكعك والبسكويت بعد صـلاة العيد .. وتبدأ الرحلات والزيارات العائلية .
لا ننكر أن هذا العام كان صعباً على كل المصريين .. وارتفعت أسعار كل شىء وحاصر الغلاء الأسر .. فتنازل العديد منهم عن عاداتهم السنوية .. فهناك من استغنى عن عمل او شراء الكعك والبسكويت .. وآخرون لم يتمكنوا من شراء ملابس جديدة لأطفالهم .. والأغلبية تغاضت عن التنزة والذهاب للسينما والمسرح والملاهى والمطاعم لان تكاليف الخروج من البيت أصبحت باهظة لا تتحملها ميزانية الأسرة !! .
.. ورغم كل الصعاب وصبر المصريين إلا أنهم يتغلبون على غلاء المعيشة بالإيمان بالله وبالقضاء والقدر مما يعطيهم الرضا والقناعة .. ويبعث فى نفوسهم الأمل فى غدٍ أفضل ومستقبل مشرق .. فيارب ارحم عبيدك وكما انتهى أسبوع الآلام وصـام وصبر المصريون.. فأنت القادر على أن تنهى أحزانهم وتجعل آخر صبرهم سلاماً وأماناً وعيشاً فى سعادة ورفاهية.. وأن تستمر كل أيامهم أعياداً ولا تغادر الفرحة قلوبهم والابتسامة و جوههم !! .
كان احتفال المسلمين بأول عيد للفطر فى العام الثانى للهجرة وهو العام الذى فرض فيه الصيام .. وبعد ١٧ يوماً فقط من بدء رمضان وقعت غزوة بدر .. تخيلوا كيف دخلوا معركة مصيرية وعددهم وعتادهم أقل من الأعداء الذين كانوا ٣ أضعافهم .. ونصرهم الله رغم قلتهم وصيامهم .. فجاء أول عيد لهم بمثابة الجائزة من الله على صبرهم وجهاد أنفسهم فى صيام رمضان وعلى صدقهم فى الجهاد فى سبيل الله .. فهل ونحن نفرح بالعيد نتذكر المهاجرون والأنصار الذين اتبعوا الرسول
صلى الله عليه وسلم فى ساعة العُسرة .. وهل صبرنا وجاهدنا أنفسنا مثلهم فى رمضان ؟! .
كانت « الـتـقـوى » هـى الحكمة الكبرى مـن فرض الصيام على المؤمنين فى كل الأديـــان ســواء أهل الإســـلام أو مـن قبلهم .. وبالطبع يدخل فيهم المسيحيون أتـبـاع سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام .. فقد قال الله تعالى: « يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ».. والتقوى كما عرفها أمير المؤمنين على بن أبـى طالب رضـى الله عنه هى « الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا أو القناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل ».. فلو أن أهل مصر من المسلمين والمسيحيين الذين جمعتهم أيام الصيام خرجوا منها بالتقوى فخافوا الله وعملوا بتعاليم كتابه الذى أنزله عليهم وقنعوا بما قسمه الله لكل منهم واستعدوا ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون .. لتغير حال البلد.. ولاستحقوا بالفعل أن يفرحوا بأعيادهم ؟! .
جاءت الأديان السماوية جميعها ليعبد البشر إلهاً واحداً.. وكانت رسالة الأنبياء هى الرحمة والمحبة والـسـلام والتسامح والعمل الصالح الــذى ينفع الإنسان فى الدنيا والأخـرة .. وكان محمد وعيسى « عليهما الصلاة والسلام » من أكثر الرسل ابتلاء وتعرضا للإيـذاء والـطـرد من ديـارهـم والهجرة إلى الله .. فعيسى منذ ولادتـه هربت به أمه إلى مصر وآواهـمـا الله إلـى ربــوة ذات قــرار ومعين .. ومحمد أخرجوه من أحب أرض الله إليه ليهاجر إلى المدينة المنورة .. ومع ذلك فكلاهما كانا نوراً يضئ القلوب ويهدى قومه إلى صـراط مستقيم ليخرجهم من ظلمات الجهل والتخلف والشرك والإلــحــاد .. ويـدعـوهـم إلــى الإحـسـان والتسامح والسلام .. أليس عيسى الذى قال لاتباعه : «احسنوا إلـى مبغضيكم وبـاركـوا لاعنيكم .. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم».. وألـم يأمر الله نبيه محمدا ليكون رحيماً ويعفو عن الناس ويدفع السيئة بالحسنة حينما قـال لـه: « فبما رحمة من الله لنت لهم .. ولـو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك .. فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمـر».. وقال أيضاً « ادفـع بالتى هى أحسن السيئة فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولـى حميم ».. وقــال الـرسـول عليه الصلاة والسلام لأصحابه « لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا.. ولن تؤمنوا حتى تحابوا.. أفلا أدلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم .. افشوا السلام بينكم » وقال أيضاً للصحابى عقبه بن عامر : « صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك ».. فلماذا التعصب الــذى يدفع للعداوة والحقد ويـحـاول كل فريق الانتصار لدينه بينما الدين واحد من عند الله والوطن لجميع من يعيشون فيه ويعيش فيهم ؟! .
إذا لم تصدقوا كل ما فات من تسامح وعفو فعليكم بسيرة الرُسل ففيها العبر.. فعندما نصر الله نبيه عيسى ودخل القدس ملكاً فى أحد الشعانين التف حوله الناس مرحبين وفعل من أجلهم كل خير ووعظهم وهداهم للإيمان لكنه لم يسلم من غدر الرومان واليهود.. ورسولنا محمد عندما دخل مكة فاتحاً لم يفتك بمن عادوه وأذوه وأخرجوه وإنما قال لهم «اذهبوا فأنتم الطلقاء».. هكذا علمنا محمد وعيسى التسامح والمحبة .. فعيسى عليه الصلاة والـسـلام هو الـذى بشر بمجىء رسـول من بعده اسمه أحمد ومحمد عليه الصلاة والسلام قال فى حديث أبى هريرة « أنا أولى الناس بعيسى » كيف لا وهما آخر رُسل الله وليس بينهما نبى .. وقد يذكرنا ذلك بما قاله النجاشي عندما سمع كلام الله من القرآن الذى جاء به الرسول محمد فقال ملك الحبشة : « إن هذا والذى جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحـــدة ».. فهل بعد ذلـك مــازال هناك من يريد إشعال الفتنة بين أقباط مصر ومسلميها ..
وللعلم الأقباط كانت تطلق على أهل هذا البلد أى من يقيمون فيها من المسيحيين والمسلمين .. فهم يعيشون تحت سماء واحدة ويعبدون ربا واحداً.. ويفرحون هذه الأيام بأعيادهم معاً.. وعلينا جميعاً الانتباه لمن لا يريدون الخير لهذا الشعب وهـذا الوطن ويحاولون تفكيكة بفتنة طائفية مثلما يفعلون فى دول أخرى .. ولكن مصر محروسة بإذن الله وبوعى شعبها.. وكل عام وأهل مصر القبط من مسلمين ومسيحيين بألف خير !! .
******